للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة اثنتى عشرة وخمسمائة (١):

فيها مات الأمير نور الدّولة أبو شجاع فاتك (٢)، والد القائد أبى عبد الله بن فاتك، فأخرج له الأفضل من ثيابه بذلة حريرية وقارورة كافور وشققا مزيدى دبيقى (٣) ونصافى، وطيبا وبخورا وشمعا، وحمل له من القصر أضعاف ذلك. وخرج الأفضل والأمراء، وجميع حاشية القصر، إلى الإيوان، فخرج الخليفة وصلّى عليه؛ ثم أخرج فدفن.

وتردّد الناس إلى التربة. وفرّقت الصّدقات إلى تمام الشهر.

وكان بيد نور الدين زمر الضّاحكيّة والفراشين (٤) وصبيان الركاب (٥) والسّلاح الخاص بجار ثقيل ورسوم كثيرة. وهؤلاء الضاحكية (كانوا) يعرفون بهذه الرّسوم قديما عند وصولهم مع المعزّ إلى مصر، وهم يلبسون المناديل ويرخون العذب ويلبسون الثّياب بالأكمام الواسعة، وفى أرجلهم الصّاجات؛ وفى الأعياد يشدّون أوساطهم بالعراضى الدبيقى، ولا يتقدّمهم أحد إلى الخليفة على ما جرت به عادتهم فى المغرب.

وفيها قفز على الأفضل ثانيا، وخرج عليه ثلاثة نفر بالسّكاكين، فقتلوا، وعاد سالما؛ فاتّهم أولاده، وصرّح بالقول فيهم، وأخذ دوابّهم، وأبعد حواشيهم، ومنعهم من التصرّف؛ وبالغ فى الاحتراز والتّحفّظ.


(١) ويوافق أول المحرم منها الرابع والعشرين من ابريل سنة ١١١٨.
(٢) يلقبه النويرى ثقة الدولة أبا شجاع بن الأمير منجد الدولة أبى الحسن مختار المستنصرى.
(٣) الدبيقى نوع من الأقمشة الحريرية المزركشة التى كانت تصنع فى دبيق، على بحيرة المنزلة قرب تنيس. النجوم الزاهرة: ٨١:٤ حاشية: ٣.
(٤) الفراشون من خدم القصور لتنظيفها داخلا وخارجا، ونصب الستائر المحتاج إليها والمناظر الخارجة عن القصر. صبح الأعشى: ٥٢٢:٣.
(٥) صبيان الركاب، الركابية، الركابدارية: الذين يحملون الغاشية بين يدى الخليفة أو السلطان فى المواكب، ويتبعون بيت الركاب الذى تكون به السروج واللجم. والغاشية سروج مذهبة تبدو كأنها كلها من الذهب. صبح الأعشى: ٤٧٢:٣، ٧:٤، ١٢.