وقال له: هذا صلاح الدين ابن أختك، وعزه وملكه لك، وقد استقام له الأمر، فلا تكن أول من يسعى في إخراجه عنه ولا يصل إليك. وما زال بهم حتى مالوا إليه وأطاعوا بأجمعهم إلا عين الدولة فإنه قال لا أخدم يوسف أبداً، وخرج من القاهرة بجماعة وصار إلى نور الدين بالشام.
فلما بلغ نور الدين استيلاء صلاح الدين أقام ثلاثة أيام لا يقدر أحد أن يراه من شدة ما عظم عليه ذلك وأغضبه.
واستمال صلاح الدين قلوب الناس، وساس الأمور وكاتب الأطراف، وأقبل على الجد، وتاب عن الخمر، وأعرض عن اللهو، وتقرب إلى الخليفة العاضد بما يرضيه فأحبه وأدناه حتى كان يدخله إليه القصر راكباً ويقيم عنده بالقصر عدة أيام. وعظم في الدولة حتى حسده الأمراء وباينه جماعة منهم وتوجهوا إلى الشام. وشرع في استمالة قلوب الناس إليه فبذل فيهم المال وأخرج ما كان في خزائن عمه أسد الدين؛ واستدعى من العاضد فأمده بشيء كثير من المال، فكان أمره في زيادة وقوة وأمر العامة في نقص وضعف.
وركب العاضد ومعه الملك الناصر صلاح الدين يوسف في غرة شهر رمضان، وحمل العادل أبو بكر السيف. ثم ركب أيضا جمعتين في شهر رمضان إلى الجامع الأزهر والجامع الأنور على العادة، وركب في عيد الفطر.
وأرسل إلى نور الدين يسأله في إرسال أبيه وأخيه فلم يجبه إلى ذلك.