للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة خمس وتسعين وأربعمائة (١):

فيها مات الخليفة أبو القاسم أحمد المستعلى بالله بن المستنصر فى ليلة السابع عشر من صفر، وعمره سبع وعشرون سنة وشهر واحد وتسعة وعشرون يوما؛ ومدة خلافته سبع سنين وشهر واحد وعشرون يوما (٢).

نقش خاتمه الإمام المستعلى بالله.

وفى أيّامه اختلّت دولتهم وضعف أمرهم، وانقطعت من أكثر مدن الشام دعوتهم؛ وانقسمت البلاد الشامية بين الأتراك الواصلين من العراق وبين الفرنج؛ فإنّهم، خذلهم الله، دخلوا بلاد الشام، ونزلوا على أنطاكية فى ذى القعدة سنة تسعين وأربعمائة وتسلّموها فى سادس عشر رجب سنة إحدى وتسعين؛ وأخذوا معرّة النعمان فى سنة اثنتين وتسعين؛ وأخذوا الرّملة ثم بيت المقدس فى شعبان؛ ثم استولوا على كثير من بلاد الساحل، فملكوا قيسارية فى سنة أربع (وتسعين) بعد ما ملكوا عدّة بلاد.

وفى أيّامه أيضا افترقت الإسماعيليّة فصاروا فرقتين: نزاريّة، تعتقد إمامة نزار وتطعن فى إمامة المستعلى، وترى أن ولد نزار هم الأئمة من بعده يتوارثونها بالنّصّ؛ والفرقة المستعلويّة، ويرون صحّة إمامة المستعلى ومن قام بعده من الخلفاء بمصر. وبسبب ذلك حدثت فتن وقتل الأفضل فيما يقال وقتل الآمر، كما يأتى ذكره إن شاء الله تعالى.

ولم يكن للمستعلى سيرة فتذكر، فإنّ الأفضل كان يدبّر أمر الدّولة تدبير سلطنة وملك لا تدبير وزارة.


(١) ويوافق أول المحرم منها السادس والعشرين من أكتوبر سنة ١١٠١.
(٢) يتفق النويرى وأبو المحاسن مع المقريزى فى تاريخ بيعته بالخلافة، ويختلفون جميعا فيما عدا هذا. فيقول المقريزى إن ولادته كانت ثامن عشر المحرم سنة ٤٦٨، ويذكر النويرى أنه ولد لعشر بقين منه، ولا يحدد أبو المحاسن، فى رواية، يوم المولد وإن ذكر أنه فى المحرم أيضا، ويوافق النويرى فى رواية أخرى. أما تاريخ الوفاة فيذكره المقريزى هنا فى ليلة السابع عشر من صفر من هذه السنة (٤٩٥)، ويوافقه النويرى، ويرجح أبو المحاسن أنه فى التاسع من صفر. ومدة خلافته عند أبى المحاسن سبع سنين وشهران وأيام، وعند النويرى سبع سنين وشهر واحد وثمانية وعشرون يوما، وعند المقريزى هنا سبع سنين وشهر واحد وعشرون يوما. النويرى: ٢٨؛ النجوم الزاهرة: ١٤٢:٥، ١٥٣