للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة أربع وتسعين وأربعمائة (١):

فى شعبان جهّز الأفضل عسكرا كثيفا لغزو الفرنج؛ فساروا إلى عسقلان، ووصلوا إليها فى أول رمضان، فأقاموا بها إلى ذى الحجة؛ فنهض إليهم من الفرنج ألف فارس وعشرة آلاف راجل؛ فخرج إليهم المسلمون وحاربوهم. فكانت بين الفريقين عدة وقائع آلت إلى كسر الميمنة والميسرة وثبات سعد الدّولة الطّواشى، مقدم العسكر، فى القلب، وقاتل قتالا شديدا؛ فتراجع المسلمون عند ثبات المذكور وقاتلوا الفرنج حتى هزموهم إلى يافا، وقتلوا منهم عدة وأسروا كثيرا (٢). وقتل كندفرى ملك الفرنج بالقدس (٣)، فجاء أخوه بغدوين (٤) من القدس وملك بعده، وسار بالفرنج إلى أرسوف.

وفيها مات القمص رجار بن تنقرد (٥)، صاحب جزيرة صقلية، فقام من بعده ابنه رجار بن رجار.

وفيها نزل الفرنج على حيفا وقتلوا أهلها؛ وتسلّموا أرسوف (٦) بالأمان؛ وملكوا قيسارية (٧) عنوة فى آخر شهر رجب وقتلوا من بها؛ وملكوا مع ذلك يافا، مع ما بأيديهم من أعمال الأردن وفلسطين.


(١) ويوافق أول المحرم منها السادس من نوفمبر سنة ١١٠٠.
(٢) يذكر ابن الأثير أنه كان يعرف بالطواشى. الكامل: ١٢٧:١٠. ويقول صاحب النجوم الزاهرة: ١٥٢:٥: «وكبا الفرس بسعد الدولة فقتل»، ويذكر أن هذه الحملة خرجت فى سنة ثلاث وتسعين. ويذكرها ابن القلانسى فى أحداث سنة ٤٩٤ أيضا كما يذكر أن جواد سعد الدولة كبا به فاستشهد. ذيل تاريخ دمشق: ١٤٠.
(٣) أصابه سهم وهو يحاصر عكا؛ طبقا للنويرى: ٢٨. أو فى الطريق إلى مهاجمة عكا: The Crusaders in the East;pp .٤٢ - ٤٣ .
(٤) واسمه Baldwin I صاحب الرها؛ وكان أخوه عينه قبل وفاته ليخلفه فيها، وقد تولاها بعد نزاع كان لنائب البابا دور فيه؛ وأصبح أول ملك لبيت المقدس التى تحولت إلى مملكة لاتينية. نفس المصدر: p .٤٣ ، انظر كذلك الحروب الصليبية: ٤٦ - ٤٧ تأليف إرنست باركر وترجمة المرحوم الدكتور السيد الباز العرينى.
(٥) وهو روجر الأول وكان قد قام بجهود متواصلة استغرقت ثلاثين سنة قبل أن يتمكن من السيطرة على جميع أنحاء الجزيرة. وكان نجاحه هذا بدءا للعهد النورمانى بالجزيرة، وتولاها بعده ابنه روجر الثانى Roger II . انظر دائرة المعارف البريطانية.
(٦) من مدن الساحل، بين قيسارية ويافا. معجم البلدان: ١٩٢:١.
(٧) وهى أيضا من مدن الساحل بينها وبين طبرية مسيرة ثلاثة أيام. انظر معجم البلدان: ١٩٥:٧ - ١٩٦ (وتقدير المسافات بالأيام له أهمية فى تصور الأحداث فى مثل هذه المرحلة الزمنية وبخاصة فى تتبع تحركات الجيوش).