وفي التاسع من جمادى الأولى سار عسكر إلى القدس فخرب وعاد بالغنائم. وورد الخبر بوقعة كانت على طبرية كسر فيها الفرنج وانهزموا، فأخذ الصالح في النفقة على طوائف العسكر، وكان جملة ما أنفقه فيها مائة ألف دينار. فلما تكامل تجهيزهم سير خمس شوال في الخامس من شعبان، فتوجهت لسواحل الشام، وظفرت بمراكب من مراكب الفرنج وعادت بكثير من الغنائم والأسرى في الثاني والعشرين من رمضان. وخرج العسكر في البر وقد ورد الخبر بحركة متملك العريش يريد الغارة على أطراف البلاد، فلما بلغه سير العسكر لم يتحرك، ورجع العسكر.
وجهز رسول محمود بن زنكي بجواب رسالته ومعه هدية فيها من الأسلحة وغيرها ما قيمته ثلاثون ألف دينار، ومن العين ما مبلغه سبعون ألف دينار تقويةً له على جهاد الفرنج. وكتب إلى الصالح كتابا ضمنه قصيدة يحرضه فيها على قتال الفرنج، فوصلت إليه في سادس عشر من شهر رمضان، ولبس نور الدين خلعة الملك الصالح طلائع؛ وانقضت السنة في تجهيز العساكر في البر والبحر ومسيرها وعودها بالغنائم الكثيرة والأسارى العديدة، منهم أخو القمص صاحب قبرص، فأكرمه الصالح وبعث به إلى ملك القسطنطينية. وكثرت الغنائم من الفرنج بالقاهرة حتى امتلأت الأيدي بها.