إليه أمور البلاد، ما خلا جزيرة صقلية فإنه ترك أمرها لحسن بن علي بن أبي الحسين، وطرابلس وأعمالها.
وقال له: إن نسيت، ما وصيناك به فلا تنس ثلاثة أشياء: إياك أن ترفع الجباية عن أهل البادية، ولا ترفع السيف عن البربر، ولا تول أحدا من أخوتك وبني عمك، فإنهم يرون أنهم أحق بهذا الأمر منك؛ وافعل مع أهل الحاضرة خيراً.
وفارقه.
وكان قيصر ومظفر الصقلبيان قد بلغا رتبة عظيمة عند المنصور والمعز، وكان المظفر يدل على المعز لأنه علمه الخط وهو صغير، فاتفق أنه حرد يوما، فسمعه المعز يتكلم بكلمة صقلبية استراب بها، فأخذ المعز نفسه بحفظ اللغات، فابتدأ بالبربرية فأحكمها، ثم بالرومية، ثم بالسودانية، ثم استدعى الصقلبية فمرت به تلك الكلمة فيها، فإذا هي شتمة، فبقيت في نفسه حتى قتلهما.
وبلغه وهو بالمغرب أمر الحرب من بني حسن وبني جعفر بن أبي طالب بالحجاز، وأنه قتل من بني الحسن أكثر ممن قتل بنو حسن من بني جعفر، فأنفذ مالا ورجالا سرا سعوا بين الطائفتين حتى اصطلحوا، وتحملوا الحمالات عنهما.
وكان فاضل القتلى لبني حسن عند بني جعفر سبعين قتيلاً، فأدى القوم ذلك إليهم، وعقدوا بينهم في المسجد الحرام صلحاً، وتحملوا دياتهم من مال المعز، وذلك في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، فصار ذلك جميلا عند بني حسن للمعز، فلما دخل جوهر مصر بادر حسن بن جعفر الحسني فملك مكة ودعا للمعز، وكتب إلى جوهر بذلك، فبعث بالخبر إلى المعز، فأنفذ من المغرب إليه بتقليد الحرم وأعماله.