جعفر ابتداءً هو آخر ما يصير إليه أمر يوسف، فإذا تطاولت المدة سينفرد بالأمر، ولكن هذا أولى وأحسن وأجود عند ذوي العقل، وهو نهاية ما يفعله من يترك دياره.
ووجهت أم الأمراء من المغرب بصبية ربتها لتباع في مصرن فطلب الوكيل فيها ألف دينار، فجاءت امرأة شابة على حمار، فلم تزل حتى اشترتها منه بستمائة دينار، وقيل له يا مغربي: هذه بنت الأخشيد اشترت الجارية تتمتع بها، وهي ست كافور.
فلما عاد أخبر المعز بذلك، فأمر بإحضار الشيوخ، وأمر الرجل فحدثهم بخبر الجارية، ثم قال: يا إخواننا: انهضوا إليهم، فلن يحول بينكم وبينهم شيء، وإذا كان قد بلغ بهم الترف إلى أن صارت امرأة من بنات ملوكهم تخرج وتشتري لنفسها جارية تتمتع بها فقد ضعفت نفوس رجالهم، وذهبت الغيرة منهم، فانهضوا بنا إليهم.
فقالوا: السمع والطاعة.
فقال: خذوا في حوائجكم، فنحن نقدم الاختيار لمسيرنا إن شاء الله.
ولما عزم المعز على الرحيل إلى مصر أتاه بلكين بن زيرى بألفي جمل من إبل زناتة، وحمل ما له بالقصور من الذخائر، وسبك الدنانير على شكل الطواحين، جعل على كل جمل قطعتين، في وسط كل قطعة ثقبا تجمع به القطعة إلى الأخرى، فاستعظم ذلك الجند والرعية، وصاروا يقفون في الطرق لرؤية بيت المال المحمول.
وخرج المعز من المغرب يوم الإثنين لثمان بقين من شوال سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وخرج من المنصورية ومعه بلكين واسمه يوسف إلى سردانية من بلاد إفريقية، فسلم إليه إفريقية والمغرب يوم الأربعاء لتسع بقين من ذي الحجة، وأمر سائر الناس له بالسمع والطاعة، وفوض