للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة أربعين وأربعمائة (١):

فيها سار ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن الحسين بن الحسن بن حمدان، أمير دمشق، وشجاع الدّولة جعفر بن كليد، والى حمص (٢)، بالعساكر وقبائل العربان إلى حلب لقتال أميرها ثمال بن صالح بن مرداس. وذلك أن ثمال بن صالح كان قد قرّر على نفسه فى وزارة الفلاحى أن يحمل كل سنة عشرين ألفا، فأخّر الحمل سنتين؛ وأخذ شجاع الدّولة يغرى الوزير على ثمال ويسهّل أمر حلب. فخرج الأمر إلى ابن حمدان أن يسير هو ووالى حمص بجموع العرب؛ فنزل بمن معه على حماة وفتحها، وأخذ المعرّة (٣)، وأقدم فنزل على حلب لخمس بقين من ربيع الآخر. وحارب ابن مرداس حروبا آلت إلى رحيل ابن حمدان بغير طائل، فى سادس عشر جمادى الأولى. ففى عوده أصابه سيل هلك فيه أكثر ما معه من الخيل والرّجال والأمتعة، وعاد إلى دمشق. فبعث ثمال إلى المستنصر يسأل عفوه، وكان المتوسّط بينهما أبو نصر إبراهيم، أخو أبى سعيد [التّسترى]، فأجيب إلى ذلك؛ وانفصل رسوله من الحضرة. فورد الخبر بأن ثمال بعث واليا إلى معرة النّعمان، وأنه أساء التدبير، فانحرف عنه الناس، وفر منهم إلى حلب؛ وأن جعفرا، أمير حمص، بادر إلى المعرّة، فلقيه مقلّد بن كامل بن مرداس وحاربه، فقتل فى الوقعة


(١) ويوافق أول المحرم منها السادس عشر من يونيو سنة ١٠٤٨.
(٢) بهامش الأصل عبارة نصها: فى الأصل المنقول عنه بخط مصنفه ورقة فى هذا المحل يقول فيها: «وملخص أمر حلب أن ثمال بن صالح بن مرداس أخر حمل ما قرره على نفسه فى كل عام، فأنفذ المستنصر لقتاله متولى دمشق ناصر الدولة الحسن بن الحسين بن حمدان وشجاع الدولة جعفر بن كليد متولى حمص، فسارا بجميع عساكر الشام وفتحوا حماة والمعرة ونزلوا على حلب وقد استعد سعد الدولة ثمال وجمع خمسة آلاف من بنى كلاب وكلب وغيرهم، وخرج وقاتلهم، فانهزم أكثر أصحابه، وثبت فى طائفة بقية نهاره، وعاد إلى المدينة. وخرج من الغد وقاتل، فصبر الفريقان صبرا طويلا وأبلوا بلاء حسنا، ثم اقتتلوا فى اليوم الثالث فثبت ثمال ثباتا زائدا فرحل ابن حمدان».
(٣) معرة النعمان من أعمال حمص، بين حماة وحلب، تستقى من العيون، وبها كثير من أشجار الزيتون. معجم البلدان: ٩٦:٨ - ٩٧.