لستّ بقين من شعبان، وحملت رأسه وشهّرت بحلب، وأسر كثير من عسكره؛ فبعث المستنصر إلى رسول ثمال وردّه، وأفهمه ما ورد من المكاتبة.
ووجد الوزير أبو البركات السّبيل إلى الإغراء بأبى نصر إبراهيم، فما زال يبلّغ المستنصر بأنه حمله الحقد لقتل أخيه على السّعى فيما يضرّ الدّولة من التوسّط بين ثمال والحضرة، وأنّ ابن حمدان أساء التدبير فى رجوعه عن حلب. فقبض على أبى نصر، وأخذت عامّة أمواله، وعوقب حتى مات.
وولى دمشق بهاء الدولة مظفّر الخادم الصقلبى، وخرج إليها على جرائد الخيل (١)، فدخلها على حين غفلة، وقبض على ناصر الدّولة ابن حمدان وحمله إلى صور، ونقله إلى الرّملة وصودر، وأقام مظفّر الخدمة بدمشق. وقبض على راشد بن سنان بن عليان، أمير بنى كلاب، واعتقله بصور.
وخرج أمير الأمراء المظفر، فخر الملك، عدة الدولة وعمادها، رفق الخادم، فى ثامن عشر ذى القعدة بتجمّل كثير وأبّهة عظيمة، وقوة قوية، وعدّة وافرة، وآلات طبله، وعساكر تبلغ عدتهم ثلاثين ألفا؛ وكان المنفق فيه عينا مع قيمة العروض أربعمائة ألف دينار. فبرز ظاهر القاهرة يريد حلب، وخرج المستنصر لتشييعه، وكتب لجميع أمراء الشام بالانقياد له والطّاعة لأمره، وأن يترجّلوا له إذا لقوه. وسار فوافى الرّملة وقد وصل رسول صاحب القسطنطينية بالصّلح بين المستنصر وبين بنى مرداس، ففشل رفق وانخرقت حرمته، وجرت بالرملة وبدمشق أمور آلت إلى حرب بين العسكر عدة أيام، فبات يوما ظاهر دمشق.
(١) جمع جريدة، وهى الفرقة من العسكر الفرسان لا رجالة بينهم، والفرقة من الجند إذا خرجت مسرعة من غير أثقال لمهمة تستدعى الإسراع فى الخروج. لسان العرب. انظر أيضا: Dozy;Supp.Dict.Ar .