فضة؛ فضربت هناك دنانير ودراهم؛ وصار كل ما يصل من اليمن والحجاز من الدنانير العدنية وغيرها يضرب بها.
وصار ما يضرب باسم الآمر في ستة مواضع: القاهرة، ومصر، وقوص، وعسقلان، وصور، والإسكندرية.
وقرر للشيخ أبي جعفر يوسف بن أحمد بن حسديه بن يوسف، الإسرائيلي الأصل، لما قدم من الأندلس وصار ضيف الدولة، جار وكسوة شتوية وعيدية ورسوم، وأقطع داراً بالقاهرة، وكتب له منشور نسخته بعد البسملة.
ولما كان من أشرف ما طرزت السيرة بقدره، وأنفس ما وشحت الدول بجميل أثره، تخليد الفضائل وإبداء ذكرها، وإظهار المعارف وإيضاح سرها، لا سيما صناعة الطب التي هي غاية الجدوى والنفع، وورود الخبر بأنها قرينة إلى الشرع. لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان خرج أمر سيدنا ومولانا لما يؤثره بعلو همته من إنماء العلوم وإشهارها، واختصاص الدولة الفاطمية بإحياء الفضائل وتجديد آثارها، ليبقى جمال ذلك شاهداً لها على مر الأيام، متسقاً بما أفشاه لها من المآثر الجمة والمفاخر الجسام، لشيخنا أبي جعفر يوسف بن أحمد بن حسديه، أيده الله، لصرف رعايته إلى شرح كتب أبقراط التي هي أشرف كتب الطب وأوفاها، وأكثرها إغماضا وأبقاها، وإلى التصنيف في غير ذلك من أنحاء العلوم، مما يكون منسوباً إلى الأوامر العالية، ورسم التوفر على ذلك والانتصاب له، وحمل ما يكمل أولاً أولاً إلى خزائن الكتب، وإقراء جميع من يحضر إليه من أهل هذه الصناعة، وعرض من يدعيها واستشفافه فيما يعانيه؛ فمن كملت عنده صناعته فليجره على رسمه، ومن كان مقصراً فليستنهضه. واعتمدنا عليه في ذلك لكونه مميزاً في البراعة في العلوم متصرفاً في فنونها، مقدماً في بسطها وإظهار مكنونها، ولأنه يبلغ الغرض المقصود في شرح هذه الكتب ويوفى عليه، ويسلك أوضح السبل وأسدها إليه، وفي جميع ما شرع له. فليشرع في ذلك مستعيناً بالله، منفسح الأمل