فيها استدعى الظافر ناصر الدولة نصر بن عباس وأخرج له صينية من ذهب فيها ألف حبة ما بين لؤلؤ وياقوت أحمر وأصفر وزمرد أخضر ذبابي، وأمر له من بيت المال بعشرة آلاف دينار مصرية، فقتله بعد هذه الهدية بستة أيام. وذلك أنه خرج الخليفة الظافر متنكراً من قصره في ليلة الخميس سلخ المحرم ومعه خادمان، وسار على عودته إلى دار نصر بن عباس، فقتله نصر، وحفر له تحت لوح رخام ودفنه؛ وقتل سعد الدولة، أحد الخادمين اللذين خرجا معه من القصر، وفر الآخر.
وكان سبب قتله أن الأمراء استوحشوا من أسامة بن منقذ عندما علموا أنه هو الذي حسن لعباس قتل ابن السلار وتحدثوا بقتله، وقيل للظافر عنه إنه غريب ومن دولة أخرى وإن في تركه وقوع ما لا يمكن تداركه. فلما بلغ أسامة ذلك أخذ يغري عباساً بابنه نصر ويبالغ في القصة حتى قال له يوما: كيف تصبر على ما يقول الناس في حق ولدك واتهامهم الخليفة أنه يفعل به ما يفعل بالنساء. فشق على عباس ولام ابنه، فلم يصغ إلى لومه. فلما أنعم الظافر على نصر بناحية قليوب وحضر إلى أبيه ليعلمه بذلك قال أسامة، وكان