للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالسّفر إلى الشرق والغارة على بغداد، وأعدّ لذلك سروجا مجوّفة القرابيص (١) وبطّنها بصفائح من قصدير ليحمل فيها الماء، وعمل لها فما فيه صفارة فإذا دعت الحاجة إلى الماء شرب من الفارس، فكان كلّ سرج منها سبعة أرطال من ماء، وعمل عدة من حجال (٢) الخيل من الديباج؛ وقال فى ذلك:

دع اللّوم عنى، لست منى بموثق … فلا بدّ لى من صدمة المتحقّق

وأسقى جيادى من فرات ودجلة … وأجمع شمل الدين بعد التفرّق

ومن شعره أيضا:

أما والذى حجّت إلى ركن بيته … جراهيم ركبان مقلدة شهبا

لأقتحمنّ الحرب حتّى يقال لى … ملكت زمام الحرب، فاعتزل الحربا

وينزل روح الله عيسى بن مريم … فيرضى بنا صحبا ونرضى به صحبا

وكانت وزارة الأفضل بن أمير الجيوش، وكان حاجرا عليه ليس له معه أمر ولا نهى، ولا تعود له كلمة إلى أن قتل، ثم وزر له المأمون محمّد بن فاتك البطائحى، فصار له فى وزارته أمر ونهى، وعادت الأسمطة على ما كانت عليه قديما؛ وكان الأفضل قد نقلها فصارت تعمل أيّام الأعياد والمواسم فى دار الملك بمصر حيث كان يسكن. فلما قتل المأمون استبدّ ولم يستوزر أحدا، ودامت له الدّنيا.

وقضاته: ابن ذكا النابلسى (٣)؛ تم ولى (أبو الفضل الجليس) (٤) نعمة بن بشير، فطلب الإقالة؛ فولى بعده الرشيد أبو عبد الله محمد بن قاسم بن زيد الصّقلى، ومات؛ فاستقرّ بعده الجليس نعمة بن بشير النابلسى مرة ثانية؛ ثم صرف بأبى الفتح مسلم بن


(١) هكذا وردت فى الأصل. وفى القاموس المحيط القربوس، بالسين المهملة، كحلزون، ولا يسكن إلا فى ضرورة الشعر: حنو السرج؛ وهما قربوسان والجمع قرابيس، والحنو، بكسر الحاء وفتحها، وكل ما فيه اعوجاج من البدن كالضلع، ومن غيره كالقف والحقف، وكل عود معوج. القاموس المحيط.
(٢) الحجل بفتح الحاء وكسرها القيد، وهو الخلخال أيضا.
(٣) يقول النويرى إن الوزير الأفضل بن بدر الجمالى عزله عن القضاء، حين رفع إليه إبراهيم بن حمزة الشاهد أن ابن ذكا أحدث فى مجلس الحكم. نهاية الأرب: ٢٨.
(٤) ما بين القوسين زيادة منقولة من نهاية الأرب: ٢٨.