حاضراً، ما هي بمهرك غالية. فامتعض لذلك عباس وقال لأسامة: كيف الحيلة في الخلاص مما بلينا به؟! فقال: هين؛ هذا الخليفة في كل وقت يأتي إلى عند ولدك في داره خفية، فمره إذا جاء أن يقتله. فاستدعى عباس ابنه وقال: يا بني قد أكثرت من ملازمة الخليفة وتحدث الناس في حقك بما أوجع باطني، وقد يصل من هذا إلى أعدائنا ما لا يزول. فاحتد نصر وقال له: أيرضيك قتله؟ فقال: أزل التهمة عنك كيف شئت. فأخذ نصر يعمل الحيلة في قتل الظافر وسأله أن يخرج إلى داره ليلاً في سر من الخدم ليتفسحا في منزله ليلة واحدة؛ وكان منزله دار المأمون البطائحي. فخرج إليه في عدة يسيرة من الخدم؛ فلما تحصل عنده اغتاله، وقتل الخدم الذين معه بالجماعة الذين قتل بهم العادل ابن السلار، ورمى بهم في جب عنده، وغطى رأس الجب بقطعة رخام بيضاء فصارت من جملة رخام المجلس، فخفى أمره. ثم مضى نصر إلى أبيه وعرفه قتل الظافر.
وكان الظافر من أحسن الناس صورة، وقتل وله من العمر إحدى وعشرون سنة وتسعة أشهر وخمسة عشر يوماً، منها مدة خلافته أربع سنين وسبعة أشهر وأربعة عشر يوما. وكان محكوما عليه من الوزراء.
وفي أيامه أخذ الفرنج عسقلان واستولوا عليها، وظهر الوهن والخلل في الدولة، فإنه كان كثير اللهو واللعب مع جواريه، مقبلاً على سماع المغنى. وهو الذي أنشأ الجامع المعروف الآن بجامع الفكاهين في خط الشوايين من القاهرة.