للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة: (١)

فيها وصلت رأس بهرام الباطنى. وكان طغتكين أتابك، الملقّب ظهير الدّين، قد وهب له بانياس خوفا من شرّه، فأفسد جماعة بالشام، وجرت له خطوب آلت إلى قتله، وحملت رأسه إلى الآمر (٢).

وفيها رتّب قاضى القضاة أبا عبيد الله محمد بن ميسّر مشارفا على ثقة الدّولة ابن أبى الردّاد فى قياس الماء وعمارة المقياس، وعمل مصالحة؛ فاستمرّ إلى أن قتل ابن ميسر ثم بطل، فلم ينظر أحد فى هذه المشارفة.

وفى رجب عمل للآمر فى الخاقانية (٣)، وكانت من خاصّ الخليفة، قصر من ورد فسار إليها وحده بضيافة عظيمة. فلمّا استقرّ هناك خرج إليه أمير يقال له حسام الملك - أحد الأمراء الذين كانوا مع المؤتمن، أخى المأمون، فى سفره فى البلاد التى كان يتولاّها وتخاذل مع ابن السلار عنه - وهو لابس لأمة حربه، والتمس المثول بين يدى الخليفة.

فاستثقل ما جاء به فى ذلك الوقت لأنه مناف لما فيه الخليفة من الرّاحة والنزهة، فمنع من ذلك وصدّ عنه؛ فقال لجماعة من حواشى الخليفة: أنتم منافقون على الخليفة إن لم أصل


(١) ويوافق أول المحرم منها السادس من يناير سنة ١١٢٨.
(٢) وكان يمارس نشاطه الهدام على غاية من الاستتار والاختفاء وتغيير الزى بحيث يطوف البلاد والمعاقل ولا يعرف أحد شخصه، وتبعه كثير من الجهلة والطغام احتماء به أو طلبا للشر بحزبه، وأيده فى تحركه ونشاطه أبو على طاهر بن سعد المزدقانى، وزير طغتكين، لحاجة فى نفسه والتمس من طغتكين أن يسلمه حصن بانياس، ففعل، فتقوى بهرام بهذه المنحة وجمع الأشرار والأوباش والرعاع فيه وأفسد بهم فى دمشق وأعمالها حتى اشتد خطره. وقد ثار ضده أهل منطقة وادى التيم لقتله شابا دينا شهما من بينهم، سنة ٥٢٢، فهاجمهم فى واديهم وأقام خيامه بجوارهم - وكانوا مستعدين للقائه - فأغاروا على مخيمه وأوقعوا برجاله ونجحوا فى قتله بخيمته واحتزوا رأسه بعد أن مثلوا بحثته تقطيعا بالسيوف والسكاكين. ذيل تاريخ دمشق: ٢١٥، ٢٢١ - ٢٢٢.
(٣) قرية من قرى قليوب وكانت من مخصصات الخليفة، فيها بساتين وجنان كثيرة وأحواض لزراعة الورد بألوانه المختلفة تعرف بالدويرات. المواعظ والاعتبار: ٤٨٨:١.