فيها بعث شاور إلى نور الدين رسالةً مع شهاب الدين محمود، خال صلاح الدين يوسف، تتضمن أنه يحمل إليه مالاً في كل سنة من مصر مصانعةً ليصرف عنه أسد الدين شيركوه. فأجاب نور الدين إلى ذلك، وأعطى شيركوه مدينة حمص وأعمالها زيادةً على ما كان بيده، وذلك في شعبان، وأمره بترك ذكر مصر. فأرسل شاور إليه كتاباً يشكر صنيعه.
وفيها قتل شاور القاضي الرشيد أبا الحسين أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسين بن الزبير الغساني الأسواني، صاحب كتاب الجنان ورياض الأذهان؛ وكان من أهل العلم والأدب؛ وله رسالة أودعها من كل علم مشكلة ومن كل فن أفضله. وسار إلى اليمن رسولاً وكان أسود في أيام الحافظ، وتلقب بعلم المهتدين؛ فقال فيه شاعر من أهل اليمن من قصيدة بعث بها إلى الحافظ:
بعثت لنا علم المهتدين ... ولكنّه علم أسود
وولي نظر الإسكندرية. فقتله شاور في المحرم، بسبب أنه داخل شيركوه وصلاح الدين وخدمهما، بعد أن عذبه عذابا شديداً، ثم ضرب عنقه.