للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثر الأرمن، فمنهم من سار إلى بلاده ومنهم من أقام بأرض مصر ليكونوا فلاحين، فسأل لهم مواضع يسكنونها، فأفردت لهم جهات، منها سمالوط (١) وإبوان (٢) وأقلوسنا (٣) والبرجين (٤) فى صعيد مصر، وضيعة أخرى بأعمال المحلة. وأقام بهرام بالأديرة البيض ومعه أهله وولده.

وفيها صرف أبو عبد الله محمّد بن ميسّر عن قضاء القضاة فى يوم الأحد لسبع خلون من المحرّم، والوزير إذ ذاك بهرام، ونفى إلى تنيس، فأقام بها إلى يوم الاثنين ثانى ربيع الأوّل، وقتل. وهو من قيساريّة، وقدم منها مع أبيه وهو صغير فى وزارة أمير الجيوش بدر الجمالى عند حضوره إلى المستنصر فى سنى الشدّة، وبعثه إلى البلاد الشاميّة لإحضار أرباب الأموال واليسار؛ وكان من جملة من أحضر والد القاضى، وكان له مال جزيل، ففوّض إليه خطابة الجامع بمصر؛ وفتح دار وكالة، وأقام بها مدّة حتى مات. فترقّى ولده إلى أن ولى القضاء عدّة مرار؛ وكان له أفضال ومكارم، وحصلت له وجاهة ورتبة جليلة، وضرب دنانير كثيرة كان اقترحها على الخليفة الآمر (٥). وهو الذى أخرج الفستق الملبّس بالحلوى، فإنّه بلغه أنّ أبا بكر محمّد بن علىّ المادرائى عمل الكعك الذى يقال له افطن له، وعمل عوضا من حشو السّكر دنانير، فلمّا مدّ السّماط فى يوم العيد قال أحد الخدّام لصديق له كان على السّماط: افطن له؛ ففهم عنه وتناول من ذلك، وصار يخرج الذّهب من فمه ويخفيه حتى تنبّه الناس لذلك، فتناولوا بأجمعهم منه. فأرادوا القاضى ابن ميسّر


(١) سمالوط وسملوط، من مدن الصعيد، تقع غربى النيل، على بعد نحو خمسة وعشرين كيلومترا إلى الشمال من مدينة المنيا. معجم البلدان: ١٢٨:٥؛ قوانين الدواوين: ١٥١، ١٧٠.
(٢) إبوان: قرية بالصعيد الأدنى غربى النيل، وتعرف بإبوان عطية. وهناك إبوان أخرى بالقرب من البهنسا، وثالثة بالقرب من دمياط والأخيرة غير مقصودة هنا. معجم البلدان: ٩٣:١؛ قوانين الدواوين: ١٠٤، ١٠٥.
(٣) بالهمزة وبغيرها من أعمال الصعيد، وتكتب بالصاد أيضا، تتبع الآن مركز بنى مزار بمحافظة المنيا. معجم البلدان: ١٥٣:٧؛ قوانين الدواوين: ١٧٠؛ الخطط التوفيقية: ١١٤:١٤.
(٤) من أعمال الجيزة. قوانين الدواوين: ١٠٢.
(٥) كان الإشراف على دار الضرب يسند إلى قاضى القضاة زمن الفاطميين تعظيما لشأنها، وينص على إسنادها إليه فى جملة ما يسند إليه من وظائف القاضى واختصاصاته، وللقاضى أن ينيب عنه فى مباشرة شئون دار الضرب من يختاره من نواب الحكم (نواب القاضى). وبقى الأمر على ذلك بعد زمن الفاطميين، ثم أصبحت دار الضرب تحت إشراف ناظر الخاص بعد إلغاء الوزارة. المواعظ والاعتبار: ٤٠٦:١ - ٤٠٧؛ صبح الأعشى: ٤٦٢:٣؛ قوانين الدواوين: ٣٣١ - ٣٣٣. وتجد فى صبح الأعشى حديثا مفصلا عن سك النقود الذهبية والفضية والنحاسية: ٤٦١:٣ - ٤٦٤؛ وفى قوانين الدواوين، فى الصفحات المشار إليها هنا، طريقة سك النقود وضبطها واعتمادها. وفى صبح الأعشى: ٣٨٤:١٠ وثيقة تولية الحسن ابن النعمان القضاء ودار الضرب والعيار والجوامع والمساجد على زمن الحاكم بأمر الله.