للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانوا قد عمروها بالحسينية خارج باب الفتوح (١)، فنهبوها، ونهبوا كنيسة الزهرى (٢)، ونبشوا قبر البطرك، أخى بهرام.

وطار خبر انهزام بهرام فى سائر إقليم مصر، فوصل الخبر بذلك إلى قوص قبل وصول بهرام، فثار المسلمون بها على الباساك وقتلوه ومثّلوا به، وجعلوا فى رجله كلبا ميّتا، وألقوه على مزبلة. فلمّا كان بعد قتله بيومين قدم بهرام فى طائفة الأرمن، وهم نحو الألفى فارس، رماة، فرأى أخاه على المزبلة كما ذكر، فقتل جماعة من أهل قوص ونهبها.

وسار عنها إلى أسوان، فنزل بالأديرة البيض، وهى أماكن حصينة فى غربىّ أخميم، فتفرّق عنه عدّة من الأرمن وساروا يريدون بلادهم.

وأما رضوان فإنّه لمّا وصل إلى القاهرة وقف بين القصرين، واستأذن الحافظ فيما يفعله، فأشار بنزوله فى دار الوزارة، فنزلها، وخلع عليه خلع الوزارة يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى، ونعت بالسيد الأجل الملك الأفضل. فاستدعى بالأموال من الخليفة، وأنفق فى الجند، ومهّد الأمر. ورضوان أوّل وزير لقب بالملك.

فلمّا كان فى اليوم الثالث من استقراره فى الوزارة سيّر أخاه الأوحد إبراهيم ومعه العسكر شرقا وغربا، والأسطول بحرا، فى طلب بهرام، وبيده أمان له ليعود مكرّما وطائفته على إقطاعاتهم. فسار إلى الأديرة، وتقرّر الحال من غير قتال على إقامة بهرام بها؛ وذلك أنّ أسوان امتنعت عليه بكنز الدّولة (٣) وأهلها، فاضطرّ إلى الإقامة بالأديرة وقد فارقه


(١) الحسينية: خارج باب الفتوح وكانت على زمن الفاطميين ثمانى حارات إحداها حارة الريحانية التى عرفت فيما بعد باسم حارة بهاء الدين، وقد سكن الحسينية من هؤلاء الأرمن نحو سبعة آلاف، ثم سكنها جماعة من الأشراف أيام الملك الكامل الأيوبى فعرفت باسمهم، وينفى المقريزى هذا استنادا إلى أن عهد الحاكم شهد كثيرا من الطوائف ومنها طائفة الحسينية. صبح الأعشى: ٣٥٥:٣ - ٣٥٦؛ المواعظ والاعتبار: ٢٠:٢ - ٢٢.
(٢) كنيسة الزهرى كانت فى بر الخليج الغربى، غربى اللوق، فى الموضع الذى عرف باسم البركة الناصرية بجوار حكر آق بغا ما بين السبع سقايات وقنطرة السد، وقد هدمت هذه الكنيسة سنة ٧٢٠، زمن الملك الناصر محمد بن قلاون الذى أنشأ البركة الناصرية إلى جوارها. المواعظ والاعتبار: ٥١٢:٢ - ٥١٣؛ السلوك ٢١٦:٢، ٢١٩.
(٣) كنز الدولة لقب منح أول مرة أيام الحاكم بأمر الله، لأمير أسوان أبى المكارم هبة الله بعد انتصاره على أبى ركوة الخارج حينئذ على الحاكم وإخماد ثورته. ثم أصبح هذا اللقب وراثيا فى أسرة أبى المكارم بعد ذلك. انظر كتاب الروضتين فى أخبار الدولتين ٥٣١:١؛ كتاب العبر: ٥٨:٤ - ٥٩، ٢٨٨:٥. وانظر كذلك الجزء الثانى من هذا الكتاب، فى أخبار الحاكم بأمر الله.