فيها مات الأمير نور الدولة أبو شجاع فاتك، والد القائد أبي عبد الله بن فاتك، فأخرج له الأفضل من ثيابه بذلة حريرية وقارورة كافور وشققا مزيدي دبيقي ونصافي، وطيباً وبخورا وشمعاً، وحمل له من القصر أضعاف ذلك. وخرج الأفضل والأمراء، وجميع حاشية القصر، إلى الإيوان، فخرج الخليفة وصلى عليه؛ ثم أخرج فدفن. وتردد الناس إلى التربة. وفرقت الصدقات إلى تمام الشهر.
وكان بيد نور الدين زمر الضاحكية والفراشين وصبيان الركاب والسلاح الخاص بجار ثقيل ورسوم كثيرة. وهؤلاء الضاحكية كانوا يعرفون بهذه الرسوم قديماً عند وصولهم مع المعز إلى مصر، وهم يلبسون المناديل ويرخون العذب ويلبسون الثياب بالأكمام الواسعة، وفي أرجلهم الصاجات؛ وفي الأعياد يشدون أوساطهم بالعراضى الدبيقي، ولا يتقدمهم أحد إلى الخليفة على ما جرت به عادتهم في المغرب.
وفيها قفز على الأفضل ثانيا، وخرج عليه ثلاثة نفر بالسكاكين، فقتلوا، وعاد سالما؛ فاتهم أولاده، وصرح بالقول فيهم، وأخذ دوابهم، وأبعد حواشيهم، ومنعهم من التصرف؛ وبالغ في الاحتراز والتحفظ.