فيها تمكن الفرنج من ديار مصر وحكموا فيها حكماً جائراً، وركبوا المسلمين بالأذى العظيم وقد تيقنوا أنه لا حامي للبلاد، وتبين لهم ضعف الدولة وانكشفت لهم عورات الناس. فجمع مري جموعه واستشارهم في قصد ديار مصر، فقووا عزمه على المسير إليها فأجمع أمره على الرحيل واستدعى وزيره وأمره بإقطاع بلاد مصر لأصحابه، ففرق قراها عليهم بعد ما كتب جميع قراها وارتفاع كل ناحية؛ واستنجد عسكراً قوي به جنده.
فورد الخبر إلى شاور بمسير الفرنج إلى مصر في نصف المحرم، فبعث إلى ملك الفرنج الأمير ظهير الدين بدران وقيس بن طي بن شاور.
وكان نور الدين بحلب، فأسرع مري إلى المجيء إلى مصر ظناً أن نور الدين بعيد منه وعساكره متفرقة عنه. فبلغ ذلك نور الدين، فأخذ في جمع عساكره.