فيها اجتمع بمدينة طوخ من صعيد مصر عدد كبير من عرب جهينة والثعالبة والجعافرة لمحاربة أمير الجيوش، فسار إليهم حتى قرب منهم، فنزل، ثم ارتحل بالليل وأمر بضرب الطبول وزعقت البوقات، واشتعلت المشاعل وقد تزايد وقود النيران. وجد في السير والعساكر لها صرخات وصيحات متتابعة في دفعة واحدة، حتى طرقهم بغتة ووضع فيهم السيف فأفنى أكثرهم قتلا، وفر منهم طوائف فغرقوا، ولم ينج منهم إلا القليل. وأحاط بأموالهم فحاز منها ما يتجاوز الوصف كثرة، وسيرها إلى المستنصر.
وثار كنز الدولة محمد بأسوان وتغلب عليها وعلى نواحيها، وكثرت أتباعه ونجم أمره؛ فسار إليه أمير الجيوش بعساكره، فالتقى معهم وحاربهم محاربة طويلة أسفرت عن قتله وهزيمة أصحابه بعد أن قتل منهم جم غفير، فكانت هذه الواقعة آخر الوقائع التي قطع فيها دابر المفسدين، وخمدت جمرتهم.