فيها حاصر أطسز بن أرتق، المعروف بالأقسيس، دمشق وألح على قتال من بها من عساكر المستنصر حتى ملكها بعد أن أقام يحاصرها نحو ثلاث سنين. وكان عليها من قبل المستنصر حيدرة بن ميرزا الكتامي، وقد كرهته الرعية لسوء سيرته فيهم وكثرة مصادرته للناس، ففر منهزما إلى بانياس، ثم خرج عنها إلى صور فأقام بها مدة، ثم حمل إلى مصر فقتل بها. وكان قد التحق بأطسز عدة ممن فر من مصر عند قدوم أمير الجيوش، فتقوى بهم وبمن صار إليه من أهل دمشق فراراً من حيدرة لسوء سيرته. فلما ملك دمشق دعا للمقتدي من خلفاء بني العباس وأبطل الخطبة للمستنصر، فانقطعت دعوة الخلفاء الفاطميين منها ولم تعد بعد ذلك. وقطعت دعوة المستنصر من مكة أيضا ودعي فيها للمقتدي.
فيها مات القاضي الشريف جلال الدولة أبو الحسين أحمد بن أبي القاسم علي بن محمد ابن الحسين بن إبراهيم بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب الحسيني النصيبيني، قاضي دمشق، وهو يومئذ متولي القضاء بها، في يوم الجمعة الرابع من ذي القعدة؛ وهو آخر قضاة الخلفاء الفاطميين بدمشق، وسمع الحديث وحدث، وله فيه مقال.