متفكّرا فى ذلك، أصرف الظنّ بين تصديقه وتكذيبه، ثم أقول، لو لم يطّلع على ذلك لم يذكره. فأمسكت، فظنّ بإمساكى أننى راض بما يفعله معه؛ وخرج فاستدعى طاهرا كاتب السرّ وسيّره لقتله. ونمى الخبر إلى مولاتنا الوالدة، فأنكرت ذلك ودخلت إلىّ، فقالت: أنت يا مولانا أمرت البابلى بقتل اليازورى! فقلت: لا. فقالت: قد سيّر طاهر ابن غلام لقتله. فاستدعيت سعيد السّعداء وأنفذته إليه، وقلت له: قل له لم يأمرك بقتله، فأنفذ من يعيد طاهرا ويمنعه من النفوذ. فألفاه صاحب الرسالة فى الحمام، فاعتذر إليه، فقال: لا بدّ من الدخول؛ ودخل وأدّى الرسالة إليه؛ فقال: أخرج وأسيّر من يعيده. وطوّل فى الحمام ثم خرج، فإلى أن كتب الكتاب وسير به النّجّاب سبقه ذلك إلى تنّيس، فلم يصل حتى نفذ الحكم فيه.
ولما وصل طاهر إلى تنّيس أوصل كتاب البابلى إلى جمال الدولة يذكر فيه:
إنا قد سيّرنا طاهرا فيما أنت تقف عليه من جهته، فتثبّت منه، وتحضر معه لإنجازه وتحذر من تأخيره من اليوم إلى الغد. فقال: وما الذى وصلت فيه؟ فأخرج تذكرة بخط البابلى فيها: إذا وصلت يا طاهر - أعزّك الله - إلى تنّيس وقد سغبت ولهثت من العطش، فلا تبلّ ريقك بقطرة دون أن يحضر على بن حسن بن عبد الرحمن اليازورى إلى دار الخدمة، وتمضى حكم السيف فيه؛ فقد كتبنا إلى الأمير جمال الدولة بمعونتك على ما يستدعيه ذلك؛ فقدّمه ولا تؤخره إن شاء أحد. فقال له: أنت خليفة صاحب الستر ومرسل من جهة السلطان، والأمر الذى وصلت فيه ممتثل، فأمض الحكم فيه. وأنفذ من يحضر اليازورى من معتقله، والصقالبة والسعدية خدام الستر وقوف، والسياف قائم.
فقال له طاهر: يا حسن، يقول لك مولانا أين أموالى؟ فلم يجبه ولم يرفع طرفه إليه.
فقال له: إياك أخاطب (١) يا حسن بن على بن عبد الرحمن، يقول لك أمير المؤمنين أين