للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وركب لصلاة الجمعة بجامع القاهرة، فازدحم الناس عليه بعد ركوبه من الجامع إلى القصر، فوقف لهم وأخذ رقاعهم، وحادثهم، وضاحكهم، فلم يرجع إلى القصر من كثرة وقوفه ومحادثته العوامّ إلى غروب الشّمس، ووقّع صلات كثيرة. وركب لصلاة العيد بغير زىّ الخلافة، ومظلّته بيضاء، وعبد الرحيم يسايره وهو حامل الرمح الذى من عادة الخليفة حمله (١)، وأصعده معه المنبر ودعا له. ولم يعمل فى القصر سماط، ولا رؤيت امرأة، ولا أبيع شيء ممّا عادته يباع فى الأعياد من اللّعب والتّماثيل. واشتدّ الأمر فى منع النساء من الخروج، وحبس عدة عجائز وخدم وجدن فى الطرقات.

وواصل الركوب فى اللّيل. وأطلق لخليج الإسكندرية خمسة عشر ألف دينار.

وقرئ سجلّ بأن كلّ من كانت له مظلمة فليرفعها إلى ولىّ العهد؛ فجلس عبد الرحيم ورفعت إليه الرقاع فوقّع عليها. وللنصف من ذى القعدة سار الحاجّ. وفى يوم النحر ركب عبد الرحيم بالعساكر إلى المصلّى فصلّى بالناس وخطب، ونحر بالمصلّى وبالملعب، ولم يعمل سماط بالقصر.

وواصل الحاكم الركوب فى العشايا. واصطنع خادما وكاتبا أسود كناه بأبى الرضا سعد، وأعطاه من الجواهر والأموال ما يجلّ وصفها، وأقطعه إقطاعات كثيرة؛ فقصده الناس لحوائجهم ولزموا بابه لمهمّاتهم، فتكلّم لهم مع الحاكم فلم يردّ سؤاله فى شيء.

وكان مما يسأل فيه إقطاعات للناس تتجاوز خمسين ألف دينار.

وفيه بعث أبو مناد باديس، أمير إفريقية، حميد بن تموصلت على عسكر إلى برقة، فخرج منها خود الصقلبى إلى مصر فتسلّمها حميد.


(١) وكان من بين مظاهر الزينة والأبهة كالسيف، ولهما مكانة خاصة فى المواكب فالرمح «لطيف فى غلاف منظوم من لؤلؤ، وله سنان مختصر بحلية ذهب، وله شخص مختص بحمله». و «السيف الخاص، وجلبته ذهب مرصعة بالجواهر فى خريطة مرموقة بالذهب، لا يظهر سوى رأسه، فيخرج مع المظلة، وحامله أمير عظيم القدر وهو أكبر أمير». النجوم الزاهرة: ٨٦:٤.