للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتّفق فى شهر ربيع الآخر من سنة سبع وصول زورق فيه ثمر للبساسيرى، فخرج إليه ابن سكرة الهاشمى فى جماعة، فأراقوه ونهبوا دوره وأخذوا دوابّه؛ وكان هو إذ ذاك فى نواحى واسط. فلما بلغه ذلك نسبه إلى الوزير رئيس الرؤساء أبى القاسم بن المسلمة (١)، فعظمت الوحشة بينه وبين الوزير. وسار إلى دبيس بن بدران وهو مستوحش، فوافت رسل طغرلبك بن ميكال بن سلجوق إلى الخليفة القائم بإظهار الطاعة، فتقرّر الأمر مع الملك الرحيم خسرو فيروز بن أبى كاليجار المرزبان ابن سلطان الدولة أبى شجاع، على أن يخطب لطغرل بك ببغداد؛ فخطب له لثمان بقين من شهر رمضان منها.

ثم إنه قدم إلى بغداد وقبض على الملك الرحيم وعلى جماعة، ثم بعث به إلى قلعة السّيروان، وفرّ منه قريش، ثم إنه خلع عليه وردّه إلى أهله (٢)، وأخذ أموال الاجناد البغداديين وأمرهم بالسعى فى طلب الرزق؛ فسار أكثرهم إلى البساسيرى. وبعث طغرلبك إلى الأمير نور الدين دبيس بن بدران أن يحضر إليه البساسيرى، فالتزم له بذلك. وبلغ البساسيرى الخبر، فسار إلى رحبة مالك بن طوق، وكاتب المستنصر يطلب منه الإذن له فى الدّخول إلى حضرته؛ فأشير على المستنصر بألاّ يمكّنه من الحضور، وأن يعده بما يرضيه، وسيّر إليه الخلع. فبعث يسأل فى النّجدة، ويلتزم بأخذ بغداد وإقامة الخطبة بها للمستنصر وإزالة دولة بنى العباس، وأنه يكفى فى ردّ طغرلبك عن قصده البلاد الشامية.

فجهزت إليه خزائن الأموال العظيمة على يد المؤيّد فى الدين أبى نصر هبة الله بن موسى فى سنة ثمان وأربعين، حيث لم يترك فى خزائن أموال القصر شيء البتة.

وخرج خطير الملك محمد بن الوزير من القاهرة فى تجمّل عظيم، ومعه من كلّ ما يريد،


(١) رئيس الرؤساء على بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة. النجوم الزاهرة: ٦:٥.
(٢) وكان قريش قد فر بعد أن نهبه التركمان هو ومن معه من العرب، ولم يطلقه التركمان إلا بعد أن أرسل الخليفة إلى السلطان يحتج على أعمال النهب والأسر ويهدد بترك بغداد. الكامل: ٢١٢:٩ - ٢١٣.