للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى أخذ أحواض الخشب وفيها الطّين المزروع فيه سائر البقول برسم مائدته. ومعه من خزائن الأموال والأسلحة والآلات والأمتعة ما يجلّ وصفه. فسار إلى القدس، ورحل منها إلى اللاّذقيّة يريد فتحها. فلما كان فى شوال منها واقع البساسيرى ودبيس (١) قريش ابن بدران العقيلى صاحب الموصل وقتلمش ابن عم طغرلبك، وكان طغرلبك قد سيّره إلى سنجار (٢) فى ألفين وخمسمائة فارس. فكانت الوقعة المشهورة التى لم يفلت منها إلا مائتا فارس أو دونها. وانهزم قريش وقتلمش، واستولى البساسيرى ودبيس على الموصل وأقاما بها الدعوة للمستنصر، وكتبا إليه بذلك؛ فسيرت إليهما الخلع ولجماعة أمراء العرب.

وعمل الشّعر فى هذه الواقعة. فمن مليح ما قيل لابن حيوس (٣):

عجبت لمدّعى الآفاق ملكا … وغايته ببغداد الرّكود

ومن مستخلف، بالهون يرضى … يذاد عن الحياض ولا يذود

وأعجب منهما شعب بمصر … تقام له بسنجار الحدود

وبلغ ذلك طغرلبك، فسار يريد الموصل حتى بلغ نصيبين، فأوقع بالعرب وألقاهم بين يدى الفيلة، فقتلهم شر قتلة. وبعث إليه دبيس وقريش بالطاعة فقبل منهما. وسار إلى ديار بكر؛ وجهّز أخاه داود إلى الموصل، فتسلمها وعاد إلى بغداد.


(١) نور الدولة أبو الأغر دبيس الأول بن سند الدولة أبى الحسن على بن مزيد الأسدى؛ صاحب حلة بنى مزيد، وكانت تسمى الجامعين، قرب الفرات. معجم البلدان: ٣٢٧:٣؛ معجم الأنساب.
(٢) بينها وبين الموصل ثلاثة أيام، وتقع فى لحف جبل عال. معجم البلدان: ١٤٤:٥ - ١٤٦.
(٣) محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، أبو الفتيان، الأمير الشاعر؛ أحد شعراء الشام المجيدين؛ مات بدمشق سنة ٤٧٣ مجاوزا الثمانين. النجوم الزاهرة: ٥: فى مواضع متعددة.