فيها أظهر المعز بن باديس صاحب إفريقية، الخلاف على المستنصر، وسير رسولاً إلى بغداد ليقيم الدعوة العباسية، واستدعى منهم الخلع؛ فأجيب إلى ذلك. وجهزت الخلع على يد رسول يقال له أبو غالب الشيزري، ومعه العهد واللواء الأسود؛ فمر ببلاد الروم ليعدى منها إلى إفريقية، فقبض عليه صاحب الروم. وبلغ ذلك المعز بن باديس، فأرسل إلى قسطنطين ملك الروم في أمره، فلم يجبه رعايةً لحق المستنصر. واتفق قدوم رسول طغرلبك يستأذنه في مسيره إلى مصر؛ فأظهر المودة التي بينه وبين المستنصر، وأنه لا يرخص في أذيته. واتفق قدوم رسول المستنصر إليه بهدية عظيمة، فبعث معه برسول القائم بما على يده، فدخل إلى القاهرة على جمل، وأحرق العهد واللواء والهدية في حفرة بين القصرين؛ وكان القادر قد فعل مع الظاهر والد المستنصر مثل ذلك بالخلعة التي سيرها إلى محمود بن سبكتكين. ثم أقر المستنصر رد الرسول إلى صاحب القسطنطينية.
وكان سبب عصيان ابن باديس ما تقدم من تقصيره في مكاتبة الوزير اليازوري وما دار في ذلك.