فيها سار ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن الحسين بن الحسن بن حمدان، أمير دمشق، وشجاع الدولة جعفر بن كليد، والي حمص، بالعساكر وقبائل العربان إلى حلب لقتال أميرها ثمال بن صالح بن مرداس. وذلك أن ثمال بن صالح كان قد قرر على نفسه في وزارة الفلاحي أن يحمل كل سنة عشرين ألفا، فأخل الحمل سنتين؛ وأخذ شجاع الدولة يغرى الوزير على ثمال ويسهل أمر حلب. فخرج الأمر إلى ابن حمدان أن يسير هو ووالي حمص بجموع العرب؛ فنزل بمن معه على حماة وفتحها، وأخذ المعرة، وأقدم فنزل على حلب لخمس بقين من ربيع الآخر. وحارب ابن مرداس حروباً آلت إلى رحيل ابن حمدان بغير طائل، في سادس عشر جمادى الأولى. ففي عوده أصابه سيل هلك فيه أكثر ما معه من الخيل والرجال والأمتعة، وعاد إلى دمشق. فبعث ثمال إلى المستنصر يسأل عفوه، وكان المتوسط بينهما أبو نصر إبراهيم، أخو سعيد التستري، فأجيب إلى ذلك؛ وانفصل رسول من الحضرة. فورد الخبر بأن ثمال بعث والياً إلى معرة النعمان، وأنه أساء التدبير، فانحرف عنه الناس، وفر منهم إلى حلب؛ وأن جعفراً، أمير حمص، بادر إلى المعرة، فلقيه مقلد بن كامل بن مرداس وحاربه، فقتل في الوقعة