للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التى أهّلناه لها، وتستظهر له لا عليه فى ذلك، وتحضرها لنقف عليها وننجز ما فيها.

فقبّل الأرض وقال: السّمع والطّاعة. فقالت له واكتب أيضا رقعة واذكر فيها مبلغ جاريك لنوقع بإضعافه، وقد أمرنا عاجلا باعطائك ألف دينار وعشرين قطعة ثيابا وبغلين بمركبين. فأعاد الشكر والدعاء، وصار إلى ابن دواس فأعلمه ما خوطب به وعومل به من حسن الاعتقاد فيه؛ فتضاعف سروره بذلك، ووافقه على ما كتب به التذكرة من الثياب، والسيوف المحلاة، والمناطق المرصعة، والدواب والمراكب الذهب الثقيلة، وغير ذلك من أسباب التشريفات الزائدة؛ وعاد الكاتب بها فعرضها، وتقدم باعداد جميع ما فيها، وكتب له العهد. وأحضر ابن دوّاس وبنو عمه وكاتبه، وامتلأ القصر بالخاصّة والعامة، وخرج معضاد الخادم، وكان قريبا من السيدة، وهو أستاذ الظاهر، فحمل ابن دوّاس إلى الخزانة حتى يشاهد ما أعد له، وكان عظيما جليلا، وقال له: السيدة تقول لك إن أردت مزيدا فاطلبه، فقبّل الأرض ودعا، وعاد فجلس فى صفّة على باب السّتر ووجوه الدولة بين يديه، وكل منهم يتطأطأ له ويعطيه من نفسه كل ما يتقرب إليه به.

فلما تعالى النهار خرج نسيم الصقلبى صاحب الستر والسيف، وبين يديه مائة رجل تعرف بالسّعدية، يختصون بركاب السلطان ويحملون سيوفا محلاة بين يديه، ويعرفون لأجلها بأصحاب سيوف الحلى؛ وقد جرت عادتهم فى أيام الحاكم بأن يتولوا قتل من يؤمر بقتله. وقال لابن دوّاس: أمير المؤمنين يسلم عليك. فقام وقبل الأرض، وفعل الناس مثل ما فعله؛ وقال: قد جعل هؤلاء القوم - يعنى أصحاب السيوف - برسمك إكراما لك وتنويها بك. فقبّل الأرض ثلاثا ومرّغ خديه، ودعا هو والحاضرون للظاهر بما يدعى لمثله به؛ ووقف القوم قياما بين يديه. فعاد نسيم فألقى ما جرى، فرسمت له السيدة أن يخرج ويضبط أبواب القصر بالخدم والصقالبة، ففعل. وقالت له بعد ذلك، اخرج وقف بين يدى ابن دوّاس وقل: يا عبيد مولانا، أمير المؤمنين يقول لكم هذا قاتل مولانا