عوضا عن ابن خيران؛ وخلع عليه للوساطة فى محرم سنة ثلاث عشرة عوضا عن خطير الملك؛ ثم قبض عليه فى العشرين من شوال منها فى القصر، فاعتقل وزال أمره؛ وكانت مدة وساطته تسعة أشهر. ثم أخرج فى يومه مسحوبا، وسجن، ثم أخرج من الغد وقتل فى الفج؛ فوجد له من العين ستمائة وعشرون ألف دينار.
وقتلت السيدة جماعة ممن كان اطّلع على سرّها فى قتل الحاكم، وعظمت هيبتها فى نفوس الأباعد والأقارب.
وفى سنة ثمان عشرة شرب الظاهر الخمر وترخّص فيه للناس وفى سماع الغناء وشرب الفقاع، وأكل الملوخية وسائر أصناف السمك، فأقبل الناس على اللهو.
وكان قد ولى حلب غلام يعرف بأمير الأمراء عزيز الدولة أبى شجاع فاتك الوحيدى، غلام منجوتكين، فى شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة، وكان أرمنيا ديّنا عاقلا؛ فولاه الحاكم بأمر الله حلب وأعمالها، ولقّبه أمير الأمراء وعزيز الدولة تاج الملّة. ودخل حلب يوم الأحد ثانى شهر رمضان منها؛ وتمكن من البلد واستفحل أمره وعظم شأنه، فعصى الحاكم (١)، ودعا لنفسه على المنبر، وضرب السكة باسمه. فمات الحاكم عقب ذلك.
فلاطفته السيدة وآنسته، وواصلته بما مال إليه من حمل الخلع والخيول بالمراكب فى سنة اثنتى عشرة حتى استمالت قلبه. ولم تزل تعمل الحيلة حتى أفسدت عليه غلاما له يعرف ببدر، كان يملك أمره وغلمانه تحت يده، وبذلت له العطاء الجزيل على الفتك به، ووعدته أن تقيمه مقامه فى موضعه. وكان لعزيز الدولة غلام هندى يهواه ويحبه حبا شديدا؛ فاستغواه بدر وقال له: قد عرفت من مولاك ملالا لك وتغيّرا منه فيك، واطّلعت منه على عزمة فى قتلك، ودفعته دفعات عنك لأننى لا أشتهى أن يتمّ مكروه عليك.