فيه نقص النيل نقصانا فاحشا، فتحرك السعر، وحملت غلال كثيرة من الشام إلى مصر؛ ثم زاد النيل بعد أوان الزيادة بأربعة أشهر، فكثر العجب من ذلك.
وكان الدزبري لما استرجع البلاد الشامية من أيدي المتغلبين عليها، إلا حلب فإنها بقيت بيد بني صالح بن مرداس، انهزم حسان بن جراح وإخوته من الدزبري، ولم يجدوا ملجأ، فحملهم ذلك على أن دخل حسان في طاعة ملك الروم، وحمل على رأسه صليباً وصار في جملته. ثم سار في هذه السنة بعسكر الروم وعلى رأسه الصليب، ووصل إلى أفامية، وهي من عمل الدزبري، فهزمها وسبى كثيرا منها. فنادى الدزبري بالغزاة، وخرج؛ فخافه نصر بن صالح وقرر لملك الروم على نفسه خمسمائة ألف درهم، صرف ستين درهما بدينار، على أن يحميه، وذلك في جمادى الأولى؛ فاتفق مرض الدزبري بدمشق، وأرجف به، ثم عوفى.
[سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة]
فيها أمر الظاهر بقتل دعاته، فاضطربت الرعية وكثير من الجند لذلك، وأخذ الدعاة في إفساد أمره والتحدث بخلعه؛ فأنفق أموالاً جمة حتى استقر أمره.