للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالجوامع وعلى ملء المصانع (١) والمارستان (٢) وثمن الأكفان.

وفى ربيع الأول واصل الركوب وأخذ الرقاع ووقف مع الناس طويلا، ثم امتنع من أخذ الرقاع وأمر أن ترفع إلى عبد الرحيم وإلى القاضى مالك، وإلى أمين الأمناء، فتناولوا الرقاع. وأكثر من الهبات والصّلات والإقطاع والخلع.

فلما كان يوم السبت سادس عشرى ربيع الآخر ركب فى اللّيل على رسمه إلى الجبّ (٣) وتلاحق به الناس وفيهم قاضى القضاة مالك بن سعيد، فلما أقبل على الحاكم أعرض عنه فتأخر، وإذا بصقلبيّ يقال له غادى، يتولى السّتر والحجية، أخذه وسار به إلى القصور وألقاه مطروحا بالأرض، فمرّ به الحاكم وأمر بمواراته، فدفن هناك بثيابه وخفّيه.

وكانت مدّة نظره فى الأحكام عشرين سنة، منها ستّ سنين وتسعة أشهر قاضى القضاة وباقيها خلافة لبنى النّعمان. وكان ينظر فى القضاء والمظالم والأحباس، والدعوة، ودار الضرب، ودار العيار، وأمر الأضياف؛ فعلت منزلته وقصده الناس فى حوائجهم لكثرة اختصاصه بالحاكم وتزايد إقطاعاته من الدّور بفرشها والضّياع العديدة، ومواصلة الركوب معه ليلا ونهارا، ومشاورته فى أمور الدولة ونظره فى أمور الدواوين كلها. وكان سخيّا جوادا


(١) المصنعة بفتح الميم وضم النون وفتحها كالحوض يجمع فيه ماء المطر. مختار الصحاح.
(٢) المارستان: بيت المرضى، معرب، وأول من بنى المارستان فى الإسلام الوليد ابن عبد الملك سنة ٨٨ هـ، وجعل فيه الأطباء وأجرى عليهم الأرزاق، وأمر بحبس المجذمين لئلا يخرجوا وأجرى عليهم وعلى العميان الأرزاق. وألحق ابن طولون بجامعة خزانة للأدوية والأشربة يجلس فيها الطبيب يوم الجمعة لحادث يحدث للحاضرين للصلاة. وأنشأ مارستانا كاملا سنة ٢٥٩ وشرط ألا يعالج فيه جندى ولا مملوك، وأمر ألا يخرج المريض من هذا المارستان إلا إذا أكل فروجا ورغيفا علامة الشفاء. وتتابع إنشاء المارستانات بعد ذلك فمنها فى مصر المارستان الكافورى ومارستان المغافر وغيرها. الخطط: ٤٠٥:٢ - ٤٠٧.
(٣) من منتزهات القاهرة كان الخليفة الفاطمى يخرج إليه للنزهة راكبا ومعه النساء والحشم. وهو ينسب إلى عميرة فيقال جب عميرة بن تميم التجيبى. وتعرف هذه المنطقة أيضا ببركة الجب أو بركة الحجاج إذ يجتمع بها الحجاج قبل سفرهم. الخطط: ٤٨٩:١. وهذا الجب غير الجب الذى كان يحبس به الأمراء بالقلعة وقد عمره المنصور قلاون ٦٨١. الخطط: ٢١٣:٢.