للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرجوا إليه، فواقعهم وهزمهم وقتل منهم، وصار ظالم إلى صور؛ فيقال إنه قتل يومئذ أربعة آلاف من [عساكر] (١) المغاربة، قطعت أيمانهم وحملت إلى دمشق، فطيف بها.

ونزل أفتكين على عكّا، وبها جمع من المغاربة، فقاتلوه، فسيّر العزيز القائد جوهر بخزائن السلاح والأموال إلى بلاد الشام فى عسكر عظيم لم يخرج قبله مثله إلى الشام من كثرة الكراع (٢) والسلاح والمال والرجال، بلغت عدّتهم عشرين ألفا بين فارس وراجل، فبلغ ذلك أفتكين وهو على عكّا، والقرامطة بالرّملة، فسار أفتكين من عكا ونزل طبرية، وخرج القرامطة من الرّملة، ونزلها جوهر.

وسار إسحاق وكسرى من القرامطة بمن معهم إلى الأحساء، لقلة من معهم من الرجال الذين يلقون بها جوهر، وتأخر جعفر من القرامطة فلحق بأفتكين وهو بطبرية، وقد بعث فجمع فى حوران والبثنية؛ وسار جوهر من الرملة يريد طبرية، فرحل أفتكين، واستحثّ الناس فى حمل الغلّة من حوران والبثنية إلى دمشق، وصار أفتكين إلى دمشق، ومعه جعفر القرمطى، فنزل جوهر على دمشق لثمان بقين من ذى القعدة فيما بين داريا والشّماسية، فجمع أفتكين أحداث (٣) البلد، وأمّن من كان قد فزع منه، فاجتمع حمّال السلاح والذعّار إليه، ورئيسهم قسّام.


(١) هذا اللفظ وارد فى الهامش بالأصل، وفى المتن علامة تشير اليه.
(٢) الكراع السلاح، وقيل هو اسم يجمع الخيل والسلاح (اللسان).
(٣) الأحداث جمع حدث، ومعناها هنا الشبان الصغار، وقد كان الأحداث يكونون نوعا من الحرس الوطنى، ولعبوا دورا هاما فى مدن سوريا وبلاد الجزيرة فى المدة ما بين القرنين الرابع والسادس الهجريين، وخاصة فى مدينتى حلب ودمشق، وكان عملهم الرسمى يشبه فى كثير عمل رجال الشرطة فقد كانوا مكلفين بحفظ النظام واطفاء الحريق وما أشبه ذلك من أعمال، وعند الضرورة كانوا يسهمون فى اعمال الدفاع الحربى كأمداد لفرق الجيش العاملة. وكان الحدث يمنح راتبا من حصيلة بعض المكوس المدنية، والفارق الوحيد بين «الاحداث» ورجال الشرطة هو طريقه تجنيدهم المحلية غير الرسمية التى جعلت لهم أثرا فعالا فى سير الحوادث، فقد كانوا يكونون - كرجال مسلحين من أهل البلد - قوة مدنية فعالة لمواجهة السلطات السياسية - التى كانت فى معظم الأحوال تمثل أجانب عن البلد - أو لمواجهة أى عدو خارجى بصفة عامه. وكان يتولى قيادتهم فى الأوقات الحرجة (وعلى سبيل المثال فى دمشق بعد الفتح الفاطمى) عناصر وطنية من أهل البلد، وكانوا فى غالب الأحوال ينقادون لزعامة الطبقة البورجوازية، -