أصحابه حتى بقى في سبعة عشر ألفا، فأنفذ إلى ابن حمدان يعلمه بنزوله أعزاز، وكان قد وكل بالدروب والمضائق، ومنع أن يخرج أحد من بلاده حتى يخفى خبر مسيره على منجوتكين، فيأخذه على غفلة، فلما بعث إلى ابن حمدان يعلمه بأنه قد نزل بنفسه أعزاز فأقيموا الحروب مع منجوتكين من الغد حتى.... وهو في الحروب.
وكانت هذه الرسالة مع رجلين من قبله، فلقيهما رجل من أصحاب منجوتكين في الليل فسألهما: من أين جئتما؟.
فظناه من الحمدانية، فأخبراه، فقبض عليهما، وأتى بهما إلى منجوتكين، فأخبراه أن بسيل ملك الروم على أعزاز، فلما أصبح طرح النار في خزائن السلاح، وفي بيوت وحوانيت كان قد بناها عسكره، فاحترقت؛ ورحل في آخر ربيع الأول إلى دمشق، ووقع الصارخ في الناس بأن منجوتكين قد انهزم عن حلب، وأن عسكر الروم يطلبه، فهرب الناس من المدن والقرى، من دمشق إلى حلب، وغلت الأسعار، وكانت أيام الحصاد، فترك الناس غلالهم ودورهم.
وسار ملك الروم، فنزل إلى حلب، واجتمع بابن حمدان، ثم سار عنها إلى فامية، وبها طائفة من عسكر منجوتكين، فقاتلهم يوما واحدا، ثم سار فنزل على طرابلس، وراسل أهلها، ووعدهم بالإحسان إن يثبتوا على ما يكون بينهم وبينه من العهد، فخرج إليه ابن نزال والي البلد ليوافقه على أمر، فاجتمع أهل البلد على أن ينصبوا أخاه مكانه، ويمنعونه من الدخول، ولا يسلموا البلد إلى الروم، فلما رجع منعوه من الدخول، فصار إلى ملك الروم.
وصار ملك الروم عن طرابلس، فنزل على انطرسوس وهي خراب، فعمر حصنها، وجعل فيه أربعة آلاف، وسار إلى انطاكية، فكثرت فيه الاعلال، فسار بمن معه إلى القسطنطينية.