فيها كتبت بغداد محاضر تتضمن القدح في نسب الخلفاء المصريين ونفيهم من الالتحاق بعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه؛ وجمع سائر أعيان الفقهاء ببغداد وأشرافها وقضاتها، وعزوا نسبهم في الديصانية من المجوس. وسيرت المحاضر إلى البلاد، وشنع عليهم تشنيع كبير. وسبب ذلك الغضب ما عمل مع الرسول المرسل من المعز بن باديس، فإنه لما شهر بالقاهرة على جمل مقلوب، وكتاب العقد في عنقه والهدية بين يديه، ثم أحرقت الخلع والتقليد، أعيد الرسول إلى ملك الروم؛ فعز عليه ما فعل واعتذر إليه منه؛ فإنه كان قد ضمن له من مصر إعادته إليه سالماً بعد ما جرت مخاطبة في طلبه. ثم أعاده ملك الروم إلى بغداد، فوصل في سنة أربع وأربعين هذه.
وسبب عوده أن المعز بن باديس بعث رسوله أبا القاسم بن عبد الرحمن إلى بغداد في ذلكن فبعث معه الملك طغرلبك، أبا علي بن كبير ليخاطب ملك الروم في رد أبي غالب، وكتب معه كتابا عنوانه: من ركن الدين وغياث المسلمين، بهاء دين الله وسلطان بلاد الله، ومغيث عباد الله، أبي طالب يمين الخليفة أمير المؤمنين، إلى عظيم الروم. ومضمونه بعد البسملة: الحمد لله القاهر سلطانه، الباهر برهانه، العلي شأنه، السابغ إحسانه؛ ثم مر فيه إلى أن قال: وقد نجم بمصر منذ سنين ناجم ضلالة يدعو إلى نفسه، ويغتر بمن أغواه من حزبه، ويعتقد من الدين ما لا يستجيزه أحد من أهل العلم في الأئمة الأول وهذا العصر، ولا يستحسنه عاقل من أهل الإسلام والكفر. ثم ذكر رسول أبا غالب وعاتب في أمره، وطلب تسييره مخفوراً إلى المعز بن باديس. فقدم إلى قسطنطين. متملك