رجلاً من أمراء الدولة يعرف بصمصام الدولة ابن لؤلؤ، وأسر إليه أن يتلطف في إخراج بني أبي الحسين من صقلية ويسيرهم إلى الحضرة. فدخل إليها، وساس أمره، حتى بعث بجميع من كان فيها من بني أبي الحسين. واستقام الأمر في صقلية بخروجهم عنها.
وقام ببلاد اليمن رجل يعرف بعلي بن محمد الصليحي يتشيع، فحسن له الدعاة الدخول في نصرة خلفاء مصر، فأعلن ذلك بها، ودعا أهل اليمن إليها، وحمل تجارتهم مع هدية جليلة القدر تبلغ زهاء عشرة آلاف دينار إلى المستنصر. وكان أبوه قاضياً باليمن سني المذهب، وزوجته أسماء ابنة عمه شهاب، وكانت أجمل خلق الله، وهي أم الدعاة باليمن، وعرفت بالحرة. وكانت ذات عز وكرم، وتفاخر بنوها بها، ومدحت.
وكان باليمن الداعي عامر بن عبد الله الرواحي، فاستمال أبا الحسن علي بن محمد بن علي الصليحي، وهو صغير، حتى مال إليه، فلما مات عامر أوصى له بكتبه وعلومه، فدرسها حتى تضلع من معارفه وصار من فقهاء الشيعة، وحج بالناس دليلاً خمس عشرة سنة. ثم ثار في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وتزايد أمره، ودعا للمستنصر، وكتب إليه بما هو عليه، واستأذنه في المسير إلى تهامة، فأذن له. ولم تخرج سنة خمسين وأربعمائة حتى ملك السهل والجبل الوعر من بلاد اليمن.
وجهز الوزير إلى النوبة، فأضعف عليهم البقط، وحملوه؛ واستقر الأمر على ذلك.