فيها نزل بغدوين على ثغر صور وعمر حصناً مقابل حصن صور على تل المعشوقة. وكان على ولاية صور من قبل الأفضل سعد الملك كمشتكين، أحد المماليك الأفضلية، فصانع بغدوين على سبعة آلاف دينار وخرج من صور.
وفيها أحضر إلى القاهرة أهل فخر الدولة أبي علي عمار بن محمد بن عمار من طرابلس وكثير من أمواله وذخائره. وذلك أن فخر الدولة حاصره الفرنج وأطالوا منازلته حتى ضاق ذرعه وعجز عن مقاومتهم، فخرج من طرابلس في سنة خمسمائة ومعه هدايا جليلة؛ فلقى ظهير الدين طغتكين أتابك بدمشق، فأكرمه ووافقه على السير معه إلى بغداد ليستنجد بالسلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه؛ فسارا. ثم إن أتابك تركه وعاد إلى دمشق، فثار في هذه المدة أبو المناقب ابن عمار على ابن عمه فخر الدولة، ونادى بشعار الأفضل، وأرسل يطلب منه من يتسلم منه طرابلس. فبعث إليه الأفضل بالأمير مشير الدولة ابن أبي الطيب، فدخل إلى طرابلس ونقل منها حريم فخر الدولة وأمواله؛ ففت ذلك في عضد فخر الدولة.
وفيها اتصل أبو عبد الله محمد بن الأمير نور الدين أبي شجاع فاتك بن الأمير مجد الدولة أبي الحسن مختار بن الأمير أمين الدولة أبي علي حسن بن تمام المستنصري الأحول الإمامي الشيعي المعروف بالمأمون ابن البطائحي، بخدمة الأفضل أبي القاسم شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر المستنصري. وسبب ذلك تغير الأفضل على تاج المعالي مختار الذي كان اصطنعه وفخم أمره وسلم إليه خزائن أمواله وكسواته، فسلم لأخويه ما يتولاه واستعان بهما فيه،