فيها وقع الاختلاف بين الطائفة الجيوشية والطائفة الريحانية، فكانت بينهما حروب شديدة قتل فيها عدة من الفريقين؛ وامتنع الناس من المضي إلى القاهرة ومن الذهاب إلى مصر. وابتدأت الحرب بينهم في يوم الخميس ثامن عشر جمادى الأولى؛ وتوالت في يوم السبت رابع جمادى الآخرة؛ فانهزمت الريحانية إلى الجيزة.
وهم العسكر بخلع الحافظ من الخلافة، فمات بقصر اللؤلؤة، وقد نقل إليه وهو مريض، بكرة يوم الأحد، وقيل ليلة الاثنين، لخمس خلون من جمادى الآخرة؛ واشتغل الناس بموته.
وكان له من العمر يوم مات ست وسبعون سنة وثلاثة أشهر وأيام، منها مدة خلافته من يوم بويع بعد أحمد بن الأفضل ثماني عشرة سنة وأربعة أشهر وتسعة عشر يوما.
وأصابته في ولايته شدائد، واعتقل، ثم لما أعيد تحكم عليه الوزراء حتى قبض على رضوان. فلم يستوزر بعده أحداً، وإنما أقام كتاباً على سنة الوزراء أرباب العمائم ولم يسم أحداً منه وزيراً؛ وهم: أبو عبد الله محمد بن الأنصاري، وخلع عليه بالحنك والدواة فتصرف تصرف وزراء الأقلام، وصعد المنبر مع الخليفة في الأعياد والجمع؛ والقاضي الموفق محمد بن معصوم التنيسي؛ وصنيعة الخلافة أبو الكرم الأخرم النصراني.
وكان الحافظ حازم الرأي، جماعاً للأموال، كثير المداراة، سيوساً عارفاً. ولم يكن أحد ممن ولي قبله أبوه غيره خليفة سواه. وكان يميل إلى علم النجوم؛ وكان له من المنجمين سبعة، منهم؛ المحقوف، وابن الملاح، وأبو محمد بن القلعي، وابن موسى النصراني.