للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفواكه والحملان وغير ذلك. ونزل الظاهر إلى قصر جده العزيز بالله بمصر لنظر الغطاس، شكرا، مع حرمه، بعد ما نزل القائد عدة الدولة رفق بأصناف الفرش لبسطه، ونقل جميع المجاورين له ممن يسكن على النيل بالقرب منه، وأزال المراكب المرساة هناك.

وضرب بدر الدولة نافذ الخادم الأسود متولّى الشرطتين، خيمة عند رأس الجسر، وجلس على مرتبة مثقلة ومرتبة ديباج؛ ووقف ابن كافى متولى الشرطة السفلى بين يديه. ونودى فى الناس ألاّ يختلط المسلمون مع النّصارى عند نزولهم فى البحر بالليل. وأمر الظاهر القائد نافذا أن يزيد فى وقيد النّار والمشاعل فى الليل، ففعل، وكان وقيدا طويلا. وحضر القسّيسون والشّمّاسة بالصّلبان والنيران فقسّسوا طويلا وانصرفوا إلى حيث يغطسون.

فمات فى هذه الليلة للظاهر طفلة سنّها ثلاث سنين وشهور، وهى آخر ولد بقى له، فعاد من آخر الليل إلى قصره بالقاهرة، فشاهد فى طريقه عدة أموات على الطرقات، فأمر لهم بخمسمائة شقّة (١) لأكفانهم، والنّفقة عليهم حتى يدفنوا.

وفى ثامنه حنّك ثلاثة من الخدم (٢) وألبسوا العمائم الشرب البيض، فتشبهوا بمن تقدّم من مقدّمى قواد الخدم كميمون وبدر ونصر العزيزى ونظرائهم. وهؤلاء المقوّدون هم معضاد ومناد ورفق، وأضيف إليهم فاتك ورجاء وسرور النصارى، ونامق؛ فجلسوا بحضرة الظاهر وهنأهم الناس بذلك.

وفيه اجتمع وفد الحجاز بباب القصر واستغاثوا، وقالوا: يا قوم قد جئناكم


= - وتكثر الملاهى والأغانى والعزف، ويغطس المحتفلون فى النهر ويزعمون أن ذلك أمان من الداء والأمراض. وكان من رسوم أهل الدولة أن يفرق فيهم الترنج والنارنج والليمون وأطنان القصب والسمك برسوم مقررة لكل أرباب السيوف والأقلام. الخطط: ٤٩٤:١ - ٤٩٥.
(١) الشقة: بكسر الشين، شق من الثياب باستطالة، وبالضم الثوب المستطيل. القاموس المحيط.
(٢) لبسوا العمامة وأداروها حول أحناكهم، وبهذا صاروا من الأستاذين المحنكين، أى من كبار الخدم المختصين بالخليفة لقضاء حوائجه.