اشتهر انتقاض الهدنة التي قررها الظاهر لإعزاز دين الله بين وبين متملك الروم، وسعى الرسل في تقريرها بين المستنصر وبينه؛ وكان انتقاضها على الحقيقة من مدة أربع سنين مضين. فلما كان في ثامن ذي الحجة وردت هدية متملك الروم من القسطنطينية إلى القاهرة، وقيمتها ثلاثون قنطارا من الذهب، والقنطار عندهم سبعة آلاف دينار ومائتا دينار. وكان من جملتها بغل وحصان من أحسن الدواب وأعلاها قيمة، كل منهما عليه ثوب ديباج رومي منقوش ثقيل؛ وخمسون بغلا عليها مائة صندوق مصفحة بالفضة، فيها آنية الذهب والفضة، منها مائة قطعة بميناء؛ وفيها من الديباج والسندس والإبريسم والعمائم المعلمة ما لا يقدر على مثله. فعوض عن هديته بمثلها من حق مصر ومن الجوهر والمسك والعود والطراز، عمل تنيس ودمياط، ما هو أكثر قيمة مما بعثه.
[سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة]
في سادس عشر المحرم قتل أبو علي الحسن بن علي الأنباري في خزانة البنود بالقاهرة.