للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان يوم عيد النّحر ركب البساسيرى إلى المصلّى وعلى رأسه ألوية المستنصر، وقد استمال الناس بكثرة الإحسان وإجراء الأرزاق، وكسر منبر المسجد الجامع ببغداد وقال: هذا منبر نحس أعلن عليه بغض آل محمد ؛ وأنشأ منبرا آخر وخطب عليه باسم المستنصر. ثم أخرج الوزير رئيس الرؤساء أبا القاسم على بن المسلمة وهو مقيّد وعليه جبة صوف وطرطور أحمر من لبد وفى عنقه مخنقة، فشهّره ثم أعاده إلى المعسكر وقد نصبت له خشبة، فألبس جلد ثور طرىّ، وجعل فى فكيه كلاّبين من حديد وعلّقه بهما؛ فبقى يضطرب إلى آخر النهار حتى مات، وعمره نحو من ثلاث وخمسين سنة (١)، وكان حسن التّلاوة للقرآن جيّد المعرفة بالأدب.

ولما ورد الخبر بذلك إلى المستنصر سرّ سرورا كثيرا، وزيّنت القاهرة ومصر وجاءت نسب الطّبّالة، فغنّت بالطبل فى القصر بين يدى المستنصر:

يا بنى العباس ردّوا … ملك الأمر معدّ (٢)

ملككم ملك معار (٣) … والعوارى تستردّ

فقال لها المستنصر: تمنّى، فلك حكمك؛ فسألت الأرض المجاورة للمقس، فأقطعها إيّاها، فعرفت بها وقيل لها إلى اليوم أرض الطبالة (٤). وأمر المستنصر فى أن يحمل إلى مهارش


= - الزاهرة: «مهارش البدوى بن مجلى الأمير أبو الحارث، كان كثير الصلاة والصوم والصدقة صالحا محبا لأهل العلم. وعاش نيفا وثمانين سنة». اه. النجوم الزاهرة: ١٩٣:٥. وعانة بلدة بين الرقة والفرات، على فراسخ من الأنبار، وتعد فى أعمال الجزيرة وتشرف على الفرات قريبا من حديثة النورة التى تعرف أيضا بحديثة عانة وحديثة الفرات، وهى بدورها على فراسخ من الأنبار. معجم البلدان: ٢٣٥:٣ - ٢٣٧؛ النجوم الزاهرة: ٩:٥.
(١) وفى النجوم الزاهرة: وجعل فى رقبته قلائد كالمسخرة وطيف به بالشوارع وخلفه من يصفعه؛ ثم سلخ له ثور وألبس جلده وخيط عليه وجعلت قرون الثور فى رأسه. النجوم الزاهرة: ٦:٥ - ٧.
(٢) فى الأصل: قد ملك … وهو خطأ عروضى.
(٣) فى النجوم الزاهرة * ملكم كان معارا * النجوم الزاهرة: ١٢:٥.
(٤) ويذكر المقريزى أنها كانت من أحسن منتزهات القاهرة. وتحد الآن من الشمال والغرب بشارع الظاهر، ومن الجنوب بشارع الفجالة وسكتها، ومن الشرق بشارع بور سعيد - شارع الخليج. النجوم الزاهرة: ١٢:٥: حاشية: ٥. نقلا عن الخطط: ١٢٥:٢؛ وبزيادة توضيحية.