القتال، فانهزم عسكر القائم، وعاد الحصار على ما كان عليه، وهرب كثير من أهل المهدية إلى جزيرة صقلية، وطرابلس، ومصر، وبلد الروم.
فلما كان آخر ذي القعدة اجتمع لأبي يزيد جمع عظيم، وتقدم إلى المهدية، فقاتل عليها، وكاد أن يؤخذ، ثم خلص.
[سنة أربع وثلاثين]
وهو مقيم على المهدية وفي المحرم منها ظهر بإفريقية رجل يدعو إلى نفسه، فأجابه كثير من الناس، وادعى أنه رجل عباسي ورد من بغداد، ومعه أعلام سود، فظفر به أصحاب أبي يزيد وساقوه إليه فقتله.
وفر بعض أصحاب أبي يزيد إلى المهدية، وخرجوا مع أصحاب القائم، فقاتلوا أبا يزيد فظفروا، وتفرق عند ذلك أصحاب أبي يزيد، ولم يبق معه غير هوارة وبني كملان وكان اعتماده عليهم.
ورحل بقية أصحابه إلى القيروان، ولم يشاوروا أبا يزيد، فرحل مسرعا في طائفة، وترك جميع أثقاله، وذلك في سادس صفر، فنزل مصلى القيروان، فخرج أهل المهدية إلى أثقاله، فغنموا طعاما كثيرا وخياما، فحسنت حالهم، ورخصت الأسعار، وبعث القائم إلى البلاد عمالا يطردون عمال أبي يزيد.
ثم إن أبا يزيد بعث عسكرا إلى تونس فدخلوها بالسيف في العشرين من صفر، فنهبوا جميع ما فيها، وسبوا النساء والأطفال، وقتلوا الرجال، وهدموا المساجد، والتجأ كثير من الناس إلى البحر فغرقوا. فسير القائم عسكرا لقتال أصحاب أبي يزيد في تونس، فانهزم عسكر القائم، وتبعهم أصحاب أبي يزيد، فكر عليهم عسكر القائم وصبروا، فانهزم أصحاب أبي يزيد، وقتل منهم خلق كثير.