حتى وصلوا إلى القصر، فوقفوا على بابه يدعون ويتضرعون، ويضجّون ويسألون العفو عنهم، ومعهم رقعة قد كتبت عن الجميع. ثم دخلوا باب القصر وهم يسألون أن يعفى عنهم ولا يسأل فيهم قول ساع يسعى فيهم. وسلّموا رقعتهم لقائد القوّاد، فأوصلها إلى الحاكم، فعفا عنهم وأمرهم على لسان قائد القواد بالانصراف والبكور لقراءة سجلّ بالعفو عنهم؛ فانصرفوا بعد العصر. وقرئ من الغد سجلّ كتب نسخة للمسلمين ونسخة للنصارى ونسخة لليهود بالأمان والعفو عنهم.
وفى ليلة التاسع منه ولد للحاكم ولد، فجلس فى صبيحتها للهناء، وأمر بإحراق الشونة فأحرقت. وكان سابع المولود (١)، فأخرج على يد خادم إلى قائد القواد، فتسلّمه حتى أعد المزين شعره؛ وذبح عنه الشريف أبو الحسن النرسى العقيقة بيده، وحمل عثمان الحاجب الدّم والعقيقة، فأمر له بألف دينار وفرس ملجم وعدّة ثياب من أجل حمل الدم والعقيقة؛ ودفع إلى المزيّن مائتا دينار وفرس. وسمّى المولود بالحارث وكنّى بأبى الأشبال.
وخرج قائد القواد إلى سائر الأتراك والديلم والعرفاء وقال: مولانا يقرأ عليكم السلام ويقول قد سمّيت مولاكم الأمير الحارث وكنّيته أبا الأشبال. فقبّل الجميع الأرض وأكثروا الدعاء، وانصرفوا. وزيّنت البلد أربعة أيام.
وفيه رسم الحاكم لجماعة من الأحداث أن يتقافزوا من موضع عال فى القصر، ورسم لكل منهم بصلة؛ فحضر جماعة وتقافزوا، فمات منهم نحو ثلاثين إنسانا من أجل سقوطهم خارجا عن الماء على صخر هناك؛ ووضع لمن قفز ماله.
وفى ربيع الآخر اشتد خوف كافة الناس من الحاكم، فكتب ما شاء الله من الأمانات للغلمان الأتراك الخاصة وزمامهم ومن معهم من الحمدانية، والبكجورية، والغلمان العرفاء،