للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محاربتهم، فبرزت العبيد إليهم؛ وكانت بين الفريقين حروب بناحية كوم شريك (١) قتل فيها عدّة، وانهزم العبيد وقويت الأتراك؛ هذا والسيدة أم المستنصر تمدّ العبيد بالأموال والسلاح.

فاتفق فى بعض الأيام أنّ بعض الأتراك وقف على شيء مما تبعث به أمّ المستنصر إلى العبيد لتعينهم به على محاربة الأتراك، فأنكر ذلك وأعلم أصحابه، فاجتمعوا وصاروا إلى المستنصر وتجرّءوا عليه بالقول وأغلظوا فى المخاطبة؛ فأنكر أن يكون عنده من ذلك خبر، وصار السيف قائما. فدخل على أمه وأنكر عليها ما تعتمده من تقوية العبيد وإعانتهم على محاربة الأتراك. ثم انتدب أبا الفرج ابن المغربى، الذى كان وزيرا؛ فخرج؛ ولم يزل يسعى بين الأتراك والعبيد حتى أوقع الصلح بين الفريقين (٢). فاجتمع العبيد وساروا إلى ناحية شبرا دمنهور (٣). فكانت هذه الكائنة أول الاختلاف بين طوائف العسكر.

وكان السبب فى كثرة السودان بالقصر أن أم المستنصر كانت جارية سوداء قدم بها أبو سعيد التسترى المقدم ذكره، فأخذها منه الظاهر واستولدها المستنصر. فلما أفضت الخلافة إلى ابنها المستنصر، ومات الوزير صفى الدين الجرجرائى فى سنة ست وثلاثين وأربعمائة استطالت أم المستنصر وقويت شوكتها، وتحكمت فى الدولة، واستوزرت مولاها أبا سعيد. وتوقفت أحوال الوزير الفلاحى معه، فاستمال الأتراك وزاد فى


(١) كوم شريك، قرب الإسكندرية، كان عمرو بن العاص أنفذ فيه شريك بن سمى بن عبد يغوث الغطفى، فتكاثر عليه الروم، فخافهم على أصحابه، فلجأ إلى هذا الكوم ودافعهم حتى أدركه عمرو واستنقذه. والكوم: الرمل المشرف. نفس المصدر: ٣٠٢:٧ - ٣٠٣. انظر أيضا قوانين الدواوين: ١٧٣، ٢٢٧ إذ يذكر أنه من قرى حوف دمسيس ناحية البحيرة.
(٢) يذكر النويرى ذلك فى نهاية الأرب ويزيد قوله بعد الصلح: ولم تصف طائفة منهم للأخرى.
(٣) من ضواحى القاهرة، وتعرف من أيام الأيوبيين باسم شبرا الخيمة، وسميت شبرا دمنهور نسبة إلى مدينة قريبة منها تحمل اسم دمنهور. النجوم الزاهرة: ١٩:٥؛ قوانين الدواوين.