وكان مولده يوم الخميس العاشر من ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. والاسماعيلية وملاحدة العجم وملاحدة الشام تعتقد إمامته وتزعم أن المستنصر كان قد عهد إليه وكتب اسمه على الدينار والطرز، وأن المستنصر قال للحسن بن صباح إنه الخليفة من بعده.
وكان للمستنصر أولاد فروا إلى المغرب، منهم محمد وإسماعيل وطاهر، وعاد منهم في خلافة الحافظ واحد إلى مصر ولا عقب له.
وأما أفتكين فإنه قتل بعد قدوم الأفضل إلى مصر. أما ابن مصال فإنه وصل لك ولقيه أهلها، وكان قد خرج منها صبياً فقيراً، فأقام عندهم أياماً. واتفق أن رأى عجوزاً عرفته، فقالت له: كبرت يا محمود! فقال لها: نعم. فقالت له: لعلك جئت مع صاحب هذه المراكب. فقال: أنا صاحبها. فقالت: ماذا يعمل عدم الرجال. ولم يزل يبعث إليه الأفضل بالأمان حتى قدم عليه، فلزم داره مدة، ثم رضي عنه الأفضل وأكرمه.
وكان الأفضل لما قبض من نزار وتمكن من الإسكندرية تتبع جميع من كان معه ومن مالأه أو أعانه، فقبض على كثير من وجوه البلد، منهم قاضي الثغر أبو عبد الله محمد بن عمار واعتقله مدة ثم قتله؛ وكان حسنة من حسنات الدهر ونخبة من نخب العقد؛ وحظى عنده بنو حارثة، وكانوا من عدول البلد، لأنهم لم يبايعوا نزاراً ولم يدخلوا في شيء من ذلك، وكانوا يهادون الأفضل سراً. ولى قضاء الإسكندرية عوضا عنه القاضي أبا الحسن زيد بن الحسن بن حديد، وبالغ في إكرامه وإكرام أهل بيته.
وكان الأفضل وهو على حصار الإسكندرية يخرج أمه فتطوف في كل يوم، وهي متنكرة، بالأسواق، وتدخل يوم الجمعة إلى الجوامع وتزور المشاهد والمساجد والربط تستعلم خبر ولدها وتعرف من يحبه ومن يبغضه؛ فدخلت يوما إلى مسجد أبي طاهر وجاءت إلى ابن سعد الإطفيحي وقالت له: يا سيدي، ولدي في العسكر مع الأفضل، الله تعالى يأخذ