واجباتهم حتى قتلوا أبا سعيد، فحنقت أم المستنصر من قتله على الفلاحى، ولم تزل به حتى كان من أمره ما تقدم ذكره.
وأخذت فى شراء العبيد السود وجعلتهم طائفة لها، واستكثرت منهم وخصتهم بالنظر، وبسطت لهم فى الرزق ووسعت عليهم حتى أمطرتهم بالنعم؛ وسار العبد بمصر يحكم حكم الولاة. وشرعت تغض من الأتراك وتظهر كراهتهم وانتقاصهم.
وتقدمت إلى الوزير أبى البركات الجرجرائى أن يغرى العبيد بالأتراك ويوقع بينهم، فخاف سوء العاقبة فى ذلك ولم يوافقها عليه؛ فلم تزل به حتى صرف من الوزارة. واستقر وزيرها أبو محمد اليازورى فى الوزارة، فأوعزت إليه بذلك، فساس الأمور سياسة جميلة إلى أن انقضت أيامه. ووزر البابلى، فأمرته بذلك، فشرع فيه. وتغيّرت النيّات، وصارت قلوب كلّ من الطّائفتين تضمر السوء للأخرى، حتى كان من الحرب ما قد ذكر، ولم يزل ذلك حتى خرب الإقليم كله وهلك أهله كما سيأتى.
وفيها توفى الشريف أبو الحسن إبراهيم بن العباس بن الحسن بن الحسين بن على بن محمد بن على بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وكان قد ولى قضاء دمشق مرتين. وفى سابع عشر ذى القعدة توفى القاضى الفقيه أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن على بن حكمول بن إبراهيم بن محمد بن مسلم القضاعى؛ وكان يخلف القضاة فى الحكم بمصر.
وكان إماما محدّثا، وله كتاب الشهاب، وكتاب الخطط، وكتاب أنباء الأنبياء، وغير ذلك من المصنفات. وفيها توفى الرئيس أبو الحسن على بن رضوان بن على بن جعفر الطبيب. وتوفى المعز بن باديس بالقيروان فى رابع شعبان.