للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زالت ليالى بنى رزّيك وانصرمت … والحمد والذّمّ فيها غير منصرم

كأنّ صالحهم يوما وعادلهم … فى صدر ذا الدّست لم يقعد ولم يقم

هم حرّكوها عليهم وهى ساكنة … والسلم قد تنبت الأوراق فى السّلم

كنّا نظنّ، وبعض الظّنّ مأثمة … بأنّ ذلك جمع غير منهزم

فمذ وقعت وقوع النّسر خانهم … من كان مجتمعا من ذلك الرّخم (١)

ولم يكونوا عدوّا ذلّ جانبه … وإنمّا غرقوا من سيلك العرم

وما قصدت بتعظيمى عداك سوى … تعظيم شأنك، فاعذرنى ولا تلم

ولو شكرت لياليهم محافظة … لعهدها لم يكن بالعهد من قدم

ولو فتحت فمى يوما بذمّهم … لم يرض فضلك إلاّ أن يسدّ فمى

والله يأمر بالاحسان عارفة … منه وينهى عن الفحشاء فى الكلم

فشكر شاور عمارة على الوفاء لبنى رزّيك، ونقم عليه ضرغام قوله: «فمذ وقعت … » البيت، وكان يقول له: نحن عندك من الرّخم.

ثم إنّ شاور جهّز الخلع إلى العادل نور الدّين بالشام، فلبسها يوم الاثنين ثانى عشرى رمضان، وقبض المال المسير إليه.

وكتب للأجناد والعرب وحواشى القصر من الرواتب والزّيادات نظير ما لهم عشر مرّات (٢)، وهو غير ظاهر للنّاس والأبواب مغلقة عليه خيفة. وذلك أن الصّالح بن رزّيك كان قد أنشأ أمراء يقال لهم البرقيّة، وجعل ضرغام بن عامر بن سوار المذكور الملقّب أبا الأشبال فارس المسلمين مقدّمهم، ثم صار صاحب الباب؛ فطمع فى شاور، وكان فارسا كاتبا، فجمع رفقته؛ وتخوّف منه شاور. وصار العسكر فرقتين: ضرغام ومن معه فرقة، وحرب ومن معه حزب (٣). فأما ضرغام فأظهر المباينة، وأما نظراؤه فاختصّوا بطىّ بن شاور وعاشروه ولازموه.


(١) الرخمة طائر أبقع يشبه النسر فى خلقته.
(٢) ويكمل النويرى ذلك بقوله: وبسط العدل أياما ثم شرع فى ظلم الناس، وبسط يده ويد أولاده فى الدولة، وقطع أرزاق الأمراء والجند واستخف بهم وبالعاضد. نهاية الأرب: ٢٨.
(٣) يقول النويرى: فكان الضرغام وإخوته وأهله فرقة، والظهير عز الدين مرتفع وعين الزمان وابن الزبد فرقة، وكان الضرغام ومن معه أظهر الفرقتين. نفس المصدر. ويقول عمارة: وافترقت أمراء البرقية فضرغام ومن معه حزب والظهير مرتفع وعين الزمان وابن الزبد ومن معهم حزب، فأما ضرغام فكان أظهر الحزبين لأنه نائب الباب ولأنه من نفسه وإخوته وأصهاره فى جيش عظيم. النكت العصرية: ٦٨.