للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأسلمته لى، وأنا الآخر أخبئك ذخيرة لولدى. ثم أمر به فشنق (١).

وانقطع بنو رزّيك؛ وبزوالهم زالت الدّولة. فكانت مدّة بنى رزّيك فى الوزارة تسع سنين وشهرا وأيّاما.

وكان دخول شاور إلى القاهرة ووزارته فى يوم الأحد ثانى عشرى المحرّم. ولمّا استقرّ فى الوزارة تلقب بأمير الجيوش. وانثالت عليه وعلى ولده طىّ أموال بنى رزّيك وودائعهم من عند النّاس، حتّى كان فى النّاس من يتبرّع بما عنده، فظفر هو من أموالهم سوى السّلاح والكراع وغيره، وسوى ما أخذه أولاده، بما ينيف عن خمسمائة ألف دينار عينا. فبعث بذلك كلّه مع جميع ما أدخل إليه إلى العربان، وأودعه عندهم وأنعم عليهم حتى كثرت أموالهم وصاروا يكيلونها كيلا ويقولون: لفلان قدحان ذهبا ولفلان ثلاثة أقداح. وزاد تمكّنهم له حتّى لم يكونوا يفارقون باب الفتوح وباب النصر؛ ونهبوا غلاّت الحوف، واستخفّوا المقطعين؛ فلم ينكر عليهم وأراد أن يكونوا له عضدا ورداء.

وكان الصالح بن رزّيك قد قرّر للفرنج فى كلّ سنة على مصر ثلاثة وثلاثين ألف دينار يحملها إليهم، فوافت رسلهم تطلب ذلك. ولمّا قتل رزّيك بن الصّالح فى رمضان قدّمت رأسه فى طشت إلى شاور وهو بدار الوزارة، فقال فى ذلك الفقيه عمارة (٢):

أعزز علىّ أبا شجاع أن أرى … ذاك الجبين مضرّجا بدمائه

ما قلبته سوى رجال قلّبوا … أيديهم من قبل فى نعمائه

وجلس (٣) شاور بعد قتل النّاصر رزّيك بن الصّالح بدار الذهب، وقام الشعراء والخطباء ولفيف الناس إلاّ الأقل ينالون من بنى رزّيك، وفيهم ضرغام نائب الباب ويحيى بن الخيّاط إسفهسلار العسكر، وغيرهما (٤)؛ فقال عمارة (٥):


(١) يقول النويرى: وسميت فرقة ابن الفيض غمازة من ذلك اليوم، فهى تعرف الآن بهذا الاسم. نهاية الأرب: ٢٨.
(٢) فى النكت العصرية: ٦٧.
(٣) النكت العصرية: ٦٩.
(٤) فى الأصل: وغيره.
(٥) فى النكت العصرية: ٦٩ - ٧٠. ومطلع هذه القصيدة هناك:
صحت بدولتك الأيام من سقم … وزال ما يشتكيه الدهر من ألم