للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكثر الإرجاف بمسير شاور إلى أن قرب من القاهرة. فوقع الصّائح فى بنى رزّيك، وكانوا أكثر من ثلاثة آلاف فارس، فأسرع ضرغام ونظراؤه من وجوه الأمراء، وهم إخوته ملهم وحسام وهمام، ويحيى بن الخيّاط وبنو الحاجب ونظراؤهم، وصاروا إلى شاور.

فأسقط فى أيدى العسكر الباقى مع بنى رزّيك.

وكان أوّل من نجا بنفسه حسين بن أبى الهيجاء، خرج فارّا ومعه حسام إلى الحوف واستجار بطريف بن مكنون أحد أمراء جذام، فأجاره وحمله من أيلة فى البحر إلى المدينة النبويّة؛ فجاور بها مدّة ومات، فدفن بالبقيع.

ولمّا فرّ حسين فتّ ذلك فى عضد رزّيك ولم يثبت، وخرج رزّيك من القاهرة فى نصف المحرّم ومعه جماعة من غلمانه وعدّة بغال موقرة من المال والجواهر والثّياب الخاصّ.

وتحيّر فلم يدر أين يذهب، فوقع بظاهر إطفيح (١) عند مقدّم العرب سليمان بن الفيض، فأخذه وكلّ ما معه.

ودخل أبو شجاع شاور إلى القاهرة ومعه خلق كثير، ومعه أولاده طىّ وشجاع والطارى، فنزل دار سعيد السّعداء، وأحضر إليه ابن الفيض رزّيك مكبّلا، فاعتقله وأخاه جلال الإسلام. فبعث جلال الإسلام إلى من أعلم شاورا أن أخاه طلب مبردا من بعض غلمان أبيه وبرد القيد الذى فى رجليه ليهرب، فدخلوا إليه وقتلوه. ومولده فى ذى القعدة سنة ثلاث، أو اثنتين، وخمسمائة. وأنفقوا (٢) على أخيه لهذه النصيحة، وبقى من جملة أرباب الإقطاع إلى أن مات. وقيل إنّ هذا كان من فعلات طىّ بن شاور وحشمه حتى قتل العادل.

وكان سليمان بن الفيض من لخم؛ وهو ممّن أنشأه الملك الصّالح طلائع بن رزّيك وخوّله فى نعم جمّة، فلم يرع يدا، وقبض على ابنه العادل وأسلمه لشاور، ونهب أصحابه ماله. فلمّا قدم به عليه قال يا سليمان، لقد خبأك الصالح ذخيرة لولده حين استجار بك


(١) كانت بإطفيح مقر الولاية الإطفيحية التى تقع شرقى النيل جنوب الفسطاط وتمتد ما بين النيل والمقطم شمالا وجنوبا، وقد فقدت أهميتها. وهى الآن جزء من محافظة الجيزة وتقع فى مركز الصف. صبح الأعشى: ٣٩٣:٣؛ معجم البلدان: ٢٨٧:١؛ الخطط التوفيقية: ٧٧:٨ - ٧٨.
(٢) فى النجوم الزاهرة: ٣١٧:٥: وأبقوا.