بعد خروج الحاج، ويخرجون إذا دخل المحرم، ويتفردون قافلة، وانقطع ذلك من تلك السنة، فاجتمع الناس وقاتلوا يومهم وقد نفد الماء، فملك القافلة، وقتل الناس، وأخذ ما فيها من حريم ومال وغيره، وأفلت ناس فمات أكثرهم عطشا، وسار فأخذ أهل فيد.
وأما بغداد فإنه حصل بها وبالكوفة وجميع العراق مصاب بحيث لم يبق دار إلا وفيها مصيبة، وعبرة سائلة، وضجيج وعويل، واعتزل المكتفي النساء هما وغما، وتقدم بالمسير خلف زكرويه، وأنفذ الجيوش فالتقوا مع زكرويه لسبع بقين من ربيع الأول، فاقتتلوا قتالا شديدا صبر فيه الفريقان حتى انهزم زكرويه وقتل أكثر من معه، وأسر منهم خلق كثير، وطرحت النار في قبته، فخرج من ظهرها، وأدركه رجل فضربه حتى سقط إلى الأرض، فأدركه رجل يعرفه. فأركبه نجيباً فارهاً، وسار به إلى نحو بغداد، فمات من جراحا كانت به، وصبر وأدخل به إلى بغداد ميتا فشهر كذلك، ومه حرمه وحرم أصحابه وأولادهم أسرى ورءوس من قتل بين يديه في الجوالقات، ومات خبر القرامطة بموت زكرويه.
ودعوتهم ذكرها شائع.
فلما دخلت
[سنة خمس وتسعين ومائتين]
خرج رجل من السواد من الظط يعرف بأبي حاتم الظطي، فقصد أصحاب البوراني داعيا وهم يعرفون بالبورانية وحرم عليها الثوم والبصل والكرات والفجل، وحرم عليهم إراقة الدم من جميع الحيوان، وأمرهم أن يتمسكوا بمذهب البوراني، وأمرهم بما لا يقبله إلا أحمق، وأقام فيهم نحو سنة، ثم زال، فاختلفوا بعده، فقالت طائفة: زكرويه بن مهرويه حي، وإنما شبه على الناس به.