للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«دخلت على العزيز - وهو مطرق - كأنه يخاطب نفسه، فبعد وقت رفع رأسه، وقال:

«أىّ وقت جئت؟»

«فقلت: من ساعة».

فقال: كنت مفكرا فى قوم أشجوا صدرى، وملئوا بالغيظ قلبى، ولا أدرى ما أعمل.

فقلت: «يا مولانا ابعث إليهم فاقتلهم».

فقال: «ما هذا يكون بيدى، ولكنه والله سوف يجئ من يقتلهم ويقتلك معهم».

وأرى الحاكم قد قتل جماعة ولا بد له منى». وكذا كان.

وقال القرطى:

«كان المثل يضرب بأيام العزيز فى مصر، لأنها كانت كلها أعيادا وأعراسا».

وقال ابن الأثير (١):

«قيل إنه ولى عيسى بن نسطورس النصرانى كتابته، واستناب بالشام يهوديا اسمه منشّا إبراهيم بن القزاز (٢)، فاعتزّ بهما النصارى واليهود، وآذوا المسلمين، فعمد أهل مصر وكتبوا قصة وجعلوها فى يد صورة عملوها من قراطيس، فيها:

«بالذى أعزّ اليهود بمنشا، والنصارى بعيسى بن نسطورس، وأذلّ المسلمين بك، إلاّ كشفت ظلامتى».

وأقعدوا تلك الصورة على طريق العزيز، والرقعة بيدها؛ فلما رآها أمر بأخذها، فإذا الصورة من قراطيس، فعلم ما أريد بذلك، فقبض عليهما، وأخذ من عيسى بن نسطورس ثلاثمائة ألف دينار، ومن اليهودى شيئا كثيرا».

وكان يحب العفو ويستعمله، فمن حلمه:


(١) الكامل لابن الاثير ٤٠:٩
(٢) كذا فى الأصل، وهو عند (ابن القلانسى: ذيل تاريخ دمشق، ص ٢٨ - ٣٣ و ٤٠): «ابن الفرار».