للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها قصد الأمير أبو الحارث أرسلان البساسيرى الموصل ومعه قريش بن بدران بن المقلّد بن المسيّب العقيلى أمير الغوب فملكها (١). وخرج إليه السلطان ركن الدين أبو طالب طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق، ففارقها؛ واتجه طغرلبك إلى نصيبين فخالف عليه أخوه لأمه إبراهيم بن ينال وسار إلى همذان، فرجع فى إثره؛ وتلاحقت الأتراك، فاستدعى الخليفة القائم دبيس بن مزيد، فوصل إليه وقد أرجف بمسير البساسيرى إلى بغداد فعظم الخوف منه، فرجع دبيس إلى بلاده (٢). فلما كان يوم الأحد الثامن من ذى القعدة من هذه السنة وصل البساسيرى إلى بغداد ومعه قريش بن بدران، وخطب فى جامع المنصور للمستنصر بالله الفاطمى وقطع الخطبة لبنى العباس، وعقد الجسر وعبر عسكره. فلما كانت الجمعة الثانية خطب بجامع الرّصافة للمستنصر. وكانت بينه وبين أهل بغداد حروب آلت إلى هزيمة رئيس الرّؤساء وزير القائم والعسكر، وقتل جماعة من الأعيان. ووقع النّهب فى البلد، ودخل أصحاب البساسيرى إلى البلد، ووصلوا إلى باب النّوبىّ الشريف (٣)؛ فركب القائم بسواده وعلى كتفه البردة، وبيده السّيف وعلى رأسه اللواء، وحوله جماعة بنى العبّاس والخدم بالسيوف المسلّلة، فرأى الأمر شديدا، فعاد وأبعد المنظرة،


(١) وكان بها إبراهيم ينال، أخو طغرلبك السلجوقى، ثم خرج عنها قاصدا بلاد الجبل، فأدرك طغرلبك بهذا أن إبراهيم قد عصاه. الكامل: ٢٢٢:٩ - ٢٢٣.
(٢) كان دبيس قد قدم بغداد استجابة لأمر الخليفة ومعه من العرب - رجاله - مائة، فأرجف بوصول البساسيرى فعرض دبيس على الخليفة أن يخرج معه عن بغداد إلى واسط ليستعين بصاحبها، حليفه، على قتال البساسيرى، فلم يتقرر أمر؛ فخرج دبيس، بحجة أن العرب لا يريدون المخاطرة بالبقاء فى بغداد، على أن ينتظر الخليفة على نهر ديالى، وانتظر هناك ثلاثة أيام فلم ير أثرا للخليفة أو رجاله، فعاد إلى بلاده. الكامل: ٢٢٣:٩. - وبهامش الأصل هنا حاشية تقول: «بخطه: هو دبيس بن على بن مزيد بن مرتد بن الرنان بن عدى بن خالد بن مالك بن عدى بن مناد بن مالك بن عوف بن معاوية، الأمير نور الدولة أبو الأغر الأسدى، مات ليلة ثمانى شوال سنة أربع وسبعين وأربعمائة عن ثمانين سنة، وكان أميرا نيفا وستين سنة، وقام بعده ابنه بهاء الدولة أبو كامل منصور».
(٣) سر وصفه بهذا الوصف أن الملوك وقصاد بغداد كانوا يقبلون الأرض قرب ذلك الموضع، قبل دخول بغداد، إجلالا للخلافة. السلوك: ١٠٢:١.