فيها مات أبو الفضل عبد الله بن الحسين بن بشرى، المعروف بابن الجوهري، الواعظ المصري في العشر الأواخر من شوال؛ وهو أحد أكابر شيوخ مصر، وتصدى سنين للوعظ بجامع عمرو بن العاص. حدث عن جماعة؛ وله كلام في الزهد والمواعظ؛ وهو من بيت علم وأسرة وعظ. ولما كانت أيام الشدة والغلاء بمصر اجتمع إليه الناس في بعض الأيام وسألوه عقد المجلس للوعظ بالجامع العتيق، فقال: من يحضر عندي ومن بقي؟ فقالوا: لا بد من ذلك؛ فجلس، وكان من كلامه: أبشروا هذه سنة ثلاث، وأشار بيده، وهي متعلقة كلها، وسنة حل سنة أربع ويفتح الله، ورفع بنصره؛ وبعدها سنة خمس ويفتح الله؛ ورفع خنصره. فكان كما قال. وأنشد مرة في بعض مجالسه:
ما يصنع اللّيل والنّهار ... ويستر الثّوب والجدار
على كرامٍ بني كرامٍ ... تخيّروا في القضا وخاروا
ومن كلامه: قد اختل امر الدين والدنيا، وتعذر الوصول إليهما، فمن طلب الآخرة لم يجد معيناً علينا، ومن طلب الدنيا وجد فاجراً قد سبقه إليها.
وأنشد مرةً الخليفة المستنصر:
عساكر الشكر قد جاءت مهنئةً ... وللملوك ارتيابٌ في تأتّيها
بالباب قومٌ ذوو ضعفٍ ومسكنةٍ ... يستصغرون لك الدّنيا بما فيها
وفيها بعث بردويل ملك الفرنج الذين يقال لهم الإفرنسيس عسكراً عليه أجار إلى صقلية فملكها من المسلمين.