للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يعلم به أحد. فتحقق لى كذبه فيما حكاه؛ وهذا أقوى الأسباب فى صرفه، لأنّ من ليس له عقل يميّز به ما يخرج من فمه، لا سيما فى مثل هذا الأمر الخطر الكبير، لم يجز أن يوثق به فى تدبير مزبلة، والخوف من جنايته على الدّولة برقاعته ونقص عقله أكثر من الطّمع فى الانتفاع بنظره.

وكان صرف البابلى من الوزارة فى شهر ربيع الأول وله فى الوزارة اثنان وسبعون يوما؛ فلما صرف قبض عليه واعتقل. وكان النّهار لا يكاد يرتفع ويتأخر ما يحمل إليه من الطّعام إلاّ ويستغيث ويقول: ما يتمّ حبس وجوع. وكان يبدو منه فى محبسه من القول ما يعرب به عن مستحكم الرّقاعة والجهل، فكان الموكلون به يتعجبون من فرق ما بينه وبين اليازورىّ، فإنّ ذاك كان ساكن الطباع كثير الصّمت شريف النفس مع حداثة سنّه، وهذا شيخ يظهر منه من الخفّة والطّيش والجهل مع الشيخوخة ما يضحك منه.

فيها تولّى الوزارة بعد البابلى أبو الفرج محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين بن المغربى (١). وفيها تولّى قضاء القضاة عوضا عن اليازورى أبو على أحمد بن عبد الحكم بن سعيد، إلى ذى القعدة، وصرف بأبى القاسم عبد الحاكم بن وهب بن عبد الرحمن المليجى.

وتولى المؤيد فى الدين أبو نصر هبة الله بن موسى داعى الدعاة.


(١) وكان قد هرب من العراق أثناء فتنة البساسيرى، فذم للمستنصر بالله الفاطمى فعل البساسيرى وخوفه من سوء عاقبته. وأبو الفرج هذا أخو أبى القاسم الحسين بن على المغربى الذى كان قد ولى الوزارة فى مصر ثم هرب إلى العراق. وقد تولى أبو القاسم هذا وزارة ميافارقين للأمير أحمد بن مروان الكردى، نصر الدولة، صاحب ديار بكر وميافارقين. النجوم الزاهرة: ١١:٥، ٦٩.