للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك وليعوّل بأمان الله. وكتب فى جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. والحمد لله وصلى الله على محمّد سيد المرسلين، وعلىّ خير الوصيين، وعلى الأئمة المهديين ذرية النبوّة، وسلّم تسليما».

وفى يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان ولد للحاكم ولد ذكر، فجلس الحاكم يوم الخميس للهناء. وكان السابع يوم الثلاثاء، فحمله شكر الخادم، وحضر أبو الحسن على ابن إبراهيم النرسى وعقّ عنه، وحضر المزيّن فحلق شعره وتناول ما له من الرسم. وسمّاه الحاكم عليّا وكناه أبا الحسن؛ وهو الذى ولى الخلافة وتلقب بالظّاهر.

وفيه فرش جامع راشدة. وركب الحاكم يوم عيد الفطر وعليه ثوب مصمت (١) أصفر، وعلى رأسه منديل منكر، وهو محنك (٢) بذؤابة والجوهر بين عينيه. وقيد بين يديه ستّة أفراس بسروج مرصعة بالجوهر، وست فيلة، وخمس زرافات؛ فصلى بالناس صلاة العيد وخطبهم، فلعن فى خطبته ظالمه حقّه والمرجفين به؛ وأصعد معه قائد القواد وقاضى القضاة عز الدين.

وفيه اضطرب السّعر واختلف الناس فى الدّراهم والصرف، فكانت المعاملة بالدراهم الزائدة والقطع، واستقر سعرها على ستة وعشرين درهما بدينار (٣).


(١) الثوب المصمت الذى لا يخالط لونه لون آخر. النجوم الزاهرة: ١٩٣:٤.
(٢) يعنى أنه أدار عامته على حنكه كما تفعل بعض جماعات العرب والمغاربة.
(٣) يبدو أن التعامل بالدراهم، فى مصر الفاطمية، يرجع إلى عصر الخليفة الحاكم الذى توقع قلة الإنتاج من الذهب إزاء الزيادة فى استخدامه لأغراض مختلفة والإقبال الهائل على اختزانه، فهداه تفكيره إلى اتخاذ هذه الخطوة حتى لا تفاجأ البلاد بأحداث قد تتعسر مواجهتها. وبذلك أصبحت مصر تستعمل نظام النقدين، وأخذت الدولة تحدد نسبة كل من النوعين للآخر طبقا للظروف وقد صحب استعمال هذه العملة النقدية الفضية الجديدة أزمة نقدية يبدو أن ما ذكر هنا صورة لها، وقد حدث مثلها فى سنة سبع وتسعين وثلاثمائة فاضطرب سعر الدرهم المتزايد بالنسبة لسعر الدينار فبلغ - كما جاء فى المتن - ستة وعشرين درهما بدينار، وبلغ سنة سبع وتسعين وثلاثمائة أربعة وثلاثين درهما بدينار. فاضطربت أمور الناس وتدخلت الحكومة بصور متعددة لحماية نقدها. انظر حالة مصر الاقتصادية فى عصر الفاطميين لراشد البراوى: ٣٠٤ - ٣٠٥.